بقدر ما تأملنا كناخبين كثيرا بمخرجات الانتخابات البرلمانية، تألمنا بالنقاشات الجوفاء التي يقوم بها النواب وابتعادهم عن القضايا الحيوية ووعودهم التي تمس المواطن والمال العام.
والمراقب لما يحدث بينهم كأن الأمر تصفية حسابات ومصالح بعيدا عن هموم المواطن ولعل آخرها ما حدث من رفض المجلس لطلب احد النواب لتمكينه من عرض أوراق بكشف ما تلقاه العديد من النواب من مساعدات مالية وللأسف هذا الرفض لم يلق أي اهتمام لا من الحكومة ولا من المجلس بالتحري مما قاله العضو والاستماع إليه ومستنداته.
هذا الوضع وسابقته المتمثل في موافقة اللجنة التشريعية بالمجلس على مقترح بتعديل قانون الزراعة لتقليص فترة التنازل عن الحيازات من سبع سنوات إلى سنة واحدة!
هذا الأمر الذي نأمل من هيئة الزراعة ممثلة برئيسها الشيخ محمد اليوسف الذي عرف عنه الحزم والجدية في عمله السابق، أن يقف أمام هذا المقترح وهو «الاختبار الأول» له والتمسك بالقانون دون أي تعديل لا لشيء إلا أنه أثبت أن الحيازات الزراعية للاستثمار البعيد المدى لتحقيق الاكتفاء الذاتي بالأمن الغذائي للمزارع الجاد، وليس للمتاجرة ببيع الحيازات وخاصة بعد ما أثيرت قضايا الحيازات الزراعية.
ولنا الحق أن نتساءل ما الهدف الذي تسعى إليه اللجنة التشريعية من تغيير القانون الذي اثبت جدواه ونجح في استقطاب رؤوس أموال للإنتاج الزراعي، ونجاح الجهات المعنية في هيئة الزراعة في تطبيقه، وفي المقابل صمت هيئة الزراعة عن هذا المقترح وكأنها مشاركة فيه! وحتى لا يفسر بأنه مكافأة لمن حاز حيازة زراعية مجانا وبيعها! وأيضا للفساد صورة أخرى للأسف تتمثل في إصدار تعميم قبول هدايا ودروع تذكارية للمراقبين الماليين لا تتجاوز مائة دينار بدلا من رفض أي هدايا أيا كان نوعها وقيمتها!
هذا التعميم المشين الذي وصفته نقابة جهاز المراقبين الماليين بانه يسيء للمهنة يتطلب ليس فقط إلغاؤه بل الاعتذار ممن اصدره ان لم يكن تقديم استقالة، لا لشيء لان هذا الجهاز هو الحامي للمال العام وأوجه الصرف، والعاملين فيه لا يحتاجون إلى هذه الدروع والهدايا، لأنهم يؤدون أمانة الوظيفة التي تحتم عدم التدخل في عملهم او التأثير عليهم بأي صورة من الصور !هذه نماذج للأسف أقل ما نسميها هي «تشريع للفساد» والأمل معقود بالجهات المهنية المعنية (هيئة مكافحة الفساد (نزاهة)، هيئة الزراعة، وجهاز الرقابة المالية) لاتخاذ ما يلزم لتصحيح المسار ومكافحة الفساد بكل صوره وان يكون لهم موقف واضح أمام المجتمع وهذا ما نأمله ان كنا فعلا نريد مكافحة الفساد من مهده.
[email protected]