في سابقة قد تكون هي الأولى حسب علمي، طلبت الهيئة العامة للبيئة وأثناء مناقشة الحساب الختامي للهيئة عن السنة المالية 2013/2014 في لجنة الميزانيات والحساب الختامي البرلمانية في اجتماعها الأسبوع الفائت تعديلا تشريعيا يخص قانونها رقم 42 لسنة 2014 والذي تم إقراراه قبل شهور قليلة والذي أعفاها في مادته 178 من الرقابة المسبقة من ديوان المحاسبة ولجنة المناقصات المركزية بحيث تعود لها الرقابة المسبقة، ويمكن أن يجاب لطلبها في حال تقديمها لمشروع قانون يصوت عليه المجلس، ولا نملك هنا إلا الإشادة بهذه الخطوة الإصلاحية المطلوبة والمهمة لضمان الشفافية في الأداء وحسن العمل، فمثلما نكثر من انتقاد أي ممارسة أو إجراء سلبي تقوم به أي من إدارتنا الحكومية، فمن الإنصاف والموضوعية أن نكثر أيضا من الإشادة بأي خطوة إيجابية تقوم بها أي منها، فمع إقرار قانون البيئة الجديد وعلى الرغم من وجود بعض الملاحظات عليه شأنه شأن أي قانون آخر إلا أننا بإقراره خطونا خطوة مهمة على طريق الإصلاح البيئي المنشود، وكذلك أيضا فبالنظر إلى مواد القانون نلاحظ كثرة الصلاحيات والمهام والمسؤوليات والأعباء التنفيذية المناطة بالقائمين على تطبيق القانون، الأمر الذي يستوجب على إدارة الهيئة العامة للبيئة الاستعانة بمختلف الأجهزة والطاقات والخبرات الحكومية وغير الحكومية لرسم خارطة طريق تنفيذية سليمة ومهنية تأخذ بعين الاعتبار في لائحتها التنفيذية مختلف الجوانب والملاحظات التي يبديها أهل الاختصاص والميدان على القانون ومواده الـ 181 مادة، وإلا فقد القانون أهميته وفائدته إن بقيت مواده بلا تفعيل أو تطبيق سليم، واهم تلك الجهات المساندة والضامنة لحسن سير العمل والتي نراها ضرورية لأي جهة حكومية، هي ديوان المحاسبة وإدارة الرقابة المالية بوزارة المالية وإدارة شؤون التوظف بديوان الخدمة المدنية بحيث يشكل هذا الثلاثي الرقابي إضافة إلى المتخصصين من ذات الجهة وخارجها فريقا إداريا وماليا ورقابيا كفيلا بتذليل أي عقبات أو ملاحظات تعترض أداء هذه الجهة في طريق انطلاقها نحو تحقيق أهدافها التنموية، وقد قدمنا بعض تلك الملاحظات في مقترحنا المقدم للهيئة العامة للبيئة عن طريق جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية، حيث كانت أبرز الملاحظات المالية والمحاسبية هي عدم وجود رقابة مسبقة على الهيئة وقد وضعنا جملة من الضوابط الرقابية والمالية لكيفية التعامل مع هذا الوضع، ولكن الآن وقد طلبت الهيئة إعادة الرقابة المسبقة عليها، فلا نملك إلا أن نشيد بمبادرتها هذه، كما نتمنى لو تبادر الهيئة بعمل قاعدة بيانات بجميع المتخصصين بالبيئة في الكويت والاستفادة من خبرات عشرات الطاقات الوطنية المتميزة في مختلف مجالات علوم البيئة وهم كثر ومنتشرون في مختلف الجهات بالدولة وعلى استعداد تام للمساهمة في مساعدة إدارة الهيئة لتطبيق القانون بالصورة الصحيحة، فمسؤولية حماية البيئة لا تقع على عاتق الدولة أو الهيئة العامة للبيئة وحدهما، بل إن ذلك يشمل جميع المتخصصين والمهتمين والناشطين البيئيين وجمعيات النفع العام البيئية إضافة إلى عشرات الفرق التطوعية البيئية التي تبحث لها عن موقع لحماية بيئتها، ناهيك عن دور المواطن العادي ورجل الشارع البسيط في ذلك، ومسؤولية الهيئة تتمثل في إيجاد الآليات الإدارية التنظيمية المرنة والعملية التي تساعدها على استثمار كل تلك الخبرات والطاقات المجتمعية لتحمل معها عبء النهوض بالوضع البيئي في البلاد، فحجم المهمة كبير وخطير ويحتاج لتضافر كل تلك الطاقات والجهود. أما إن أرادت الهيئة أن تحمل كل هذا العبء وحدها على ما فيه من مطبات وعقبات وملفات ساخنة ومتعددة، فان الرقع سيتسع حتما على الراقع «ولات حين مناص».
[email protected]