الفساد إذا استشرى في بلد ضاعت مصالح البشر وتراجعت الأمة وظهر الكساد وعمت الفوضى في كل أرجاء المؤسسات الحكومية، اقرأوا التاريخ لتعرفوا كيف انهارت امبراطوريات وهزمت عندما ابتليت بداء الفساد.
ولعظم أثر الفساد صنفت الأمم المتحدة دول العالم تبعا لمدى استشراء الفساد فيها والمفسدون هم الذين يبحثون عن الثراء من أقصر طريق وتحقيق مطالبهم بأقل مجهود وهؤلاء الناس يقتلون الطموح والآمال في نفس كل ساع ومجد فكيف لمجد أن يسعى ويجتهد وهو يشاهد من هو أقل منه قد سبقه في التعيين والعلاوات والترقية، لماذا؟! لأنه يعرف طريقا غير الذي نعرفه نحن ويسلك درب الفساد في المناقصات وترسيتها وتخصيص الأراضي وإسناد المشاريع والتوظيف والترقيات والمكافآت والسفرات والإجازات والعلاج في الداخل والخارج والاستثناءات من الدور عندما تأتي تقارير ديوان المحاسبة لتكشف لنا الفساد وسياسة التنفيع، ولتؤكد وجوده بكل اصنافه وأنواعه شاملا جامعا كل مصلحة وكل وزارة مع تباين في درجاته الملوثة لحياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
والسؤال هنا: كيف نواجه هذا الفساد القاتل للإبداع والمحطم للآمال والذي يهب من لا يستحق ما لا يملك ونحن في بلد يكثر فيه الواسطات سواء كانت قبلية أو طائفية أو عائلية والحل هو ترسيخ الانتماء للكويت الغالية وان يشعر كل منا بانه ينتمي إلى هذه الأرض الطيبة الكويت وأنها له وليست لحفنة من المتنفعين الحريصين على تضييق دائرة الانتفاع إلى أقصى درجة لتشملهم هم وبطانتهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا والحل في القانون وتفعيله وتشديده وتطبيقه، فلا استثناءات ولا احد فوق القانون والمساءلة وأن يكون هناك رادع لكل من تسول له نفسه المساهمة في الفساد وضرب القوانين، والحل كذلك بتفعيل قانون «من أين لك هذا؟» فنحن في دولة مؤسسات ويجب أن يسأل هؤلاء الذين نهبوا ثروات الكويت في الاستثناءات من أين حصلوا على ثرواتهم، والحل كذلك في تفعيل قانون الذمة المالية ليكشف كائن من كان عن أملاكه وثرواته، من أين اكتسب هذا؟ وبأي طريقة؟ ومن ساعده على ذلك؟
نحن لا نريد أن نتحول إلى دولة تؤوي المفسدين وتبارك لهم سرقتهم للمال العام، نريد تفعيل كل القوانين التي تكشف هؤلاء المفسدين وتلزمهم مكانهم وتقودهم للعدالة وتجردهم من ثرواتهم التي امتصوها من عرق ودماء كل مواطن شريف لا يجد غير راتبه في نهاية كل شهر.
استمعوا لكلام المصطفى صلى الله عليه وسلم وقد ارسل رجلا يجمع الصدقات والاموال فجاءه الرجل وقال له: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فماذا قال له محمد صلى الله عليه وسلم في حالة من حالات الفساد عرضت عليه منذ أربعة عشر قرنا؟ قال: من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول.
هذا هو ديننا يحارب أولى حالات الفساد والتنفيع ويصفها بأنها خيانة للأمانة فلنسم الأشياء بأسمائها، فخائنو الأمانة بيننا كثيرون والكويت تستنزف كل يوم بل في كل ساعة فالفساد داء عضال إذا نخر في جسد تهاوى وتساقط ولا دواء ينفع ولا شفاء يرجى فسارعوا لمعالجة الفساد واجتثاثه من جذوره فلا حياة لأمة ضاع فيها الحق ولا مستقبل لأمة اختطت لنفسها الفساد طريقا والمحسوبية أسلوبا فالعالم اصبح قرية صغيرة مفتوحة والكويت كتاب يقرؤه العالم كل ثانية فطهروا صفحات الكويت من البقع السوداء لتكون كتابا ناصعا ينير لها طريق النماء، ولنكن أول الداعين للقضاء على الفساد بثورة حقيقية في التشريعات من أجل أمنا وحبيبتنا الكويت، أفلا تستحق منا الكويت ذلك؟
قال تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد)، اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه، اللهم آمين.
[email protected]