عدنان الشمري
تناقلت بعض الصحف اليومية في الأيام الماضية تصريحا لوزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة موضي الحمود، حول نيتها الدفع بتعيين خريجي التربية من الجامعة العربية المفتوحة من فئة غير محددي الجنسية كمعلمين في مدارس التربية. هذا الخبر أثار ردود أفعال إيجابية وفتح الأمل لكثير من أبناء البدون ممن تحدوا الصعاب وواجهوا التحديات من أجل نيل شهادة جامعية، حتى يثبتوا للجميع أن الكويتيين البدون يستطيعون تحقيق الإنجازات إن فتح لهم المجال. وجاءت شهادة الوزيرة بكفاءة خريجي التربية البدون من الجامعة المفتوحة من واقع خبرة ملموسة عندما كانت رئيسة للجامعة. إيجابيات هذا القرار عديدة وستكون وزارة التربية المستفيد الأكبر، لأنها ستحصل على خبرات محلية وكفاءات أكاديمية تم صقلها وإنتاجها داخل الكويت. أيضا سيكون لهذا القرار جانب مادي ـ إن تم تفعيله بشكل أوسع ـ وسيوفر على ميزانية الوزارة نفقات سفر اللجان الاستكشافية التي تسافر كل عام دراسي من أجل سد النقص في كثير من المواد. والجانب المهم لقرار كهذا ـ إن تم اتخاذه ـ هو الجانب المعنوي والخاص بتخفيف المعاناة المادية والنفسية لكثير من أبناء البدون. ولكن هذا القرار ـ المتأخرـ سيكون ناقصا لأنه تجاهل إعادة المدرسين الذين لم تتم إعادتهم إلى وظائفهم بعد تحرير البلاد. فمن غير المعقول أن يتم صرف مبالغ طائلة قبل الغزو العراقي على تعليم هؤلاء من المراحل الإبتدائية وحتى الجامعية، ولا تتم إعادتهم إلى أعمالهم ومن غير توضيح أي أسباب مقنعة. فعليه فإن هناك مسؤوليات أخلاقية وموضوعية على عاتق الوزيرة الحالية إن أرادت الإصلاح في وزارتها، وإن كانت جادة فعلا في استثمار الطاقات والكفاءات المغيبة من أبناء الكويتيين البدون.
نتمنى كذلك أن تقوم جميع الأجهزة الحكومية بالاستفادة من الكفاءات الموجودة لدى الكثير من أبناء البدون والحاصلين على شهادات جامعية في كثير من التخصصات النادرة، فهناك الأطباء والممرضون والمهندسون وخريجو الحاسب الآلي وغيرهم من أصحاب التخصصات التي تعتبر نادرة. فلماذا لا تتم الاستفادة من هذه الكفاءات ويتم توظيفها لسد النقص الموجود في كثير من الوزارات ومن أجل تخفيف معاناة الكثير من الأسر. بل إن الحكومة عليها فتح المجال أمام الكثير من الأيدي العاملة المهملة، إن كانت جادة في إنهاء معاناة البدون، فيمكنها تدريب الكثير من أبناء البدون لشغل وظائف فنية تسعى الحكومة جاهدة لتوفيرها. خصوصا أن هناك عزوفا لدى الكويتيين عن الكثير من الوظائف الخدمية والفنية، وفي جانب آخر هناك استياء لدى الكثير من المسؤولين والمواطنين من العمالة الأجنبية. فلم لا يتم تدريب الكثير ممن حرموا من التعليم الثانوي والجامعي من البدون بسبب قرارات حكومية سابقة ويتم تدريبها وتوظيفها في الأجهزة الحكومية، فخطوة كهذه ستثبت للجميع مصداقية الحكومة في إنهاء وإغلاق ملف المعاناة الإنسانية لأبناء البدون. هذا الاقتراح هو في عهدة الحكومة وفي عهدة الكثير من النواب الذين وعدوا بإنهاء هذه المعاناة، فليتم تبني هذا الإقتراح ودراسته بشكل جدي من أجل إبداء جدية ومصداقية في العمل على إغلاق هذا الملف.