عدنان الشمري
انتهى ملف استجواب وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد وانتهت معه صفحة التأزيم السياسي التي لازمت العلاقة بين السلطتين خلال المجالس السابقة، انتهى الملف بعد ان ذهب مقدمو الاستجواب الى ابعد نقطة دستورية خلال هذا الاستحقاق والمتمثلة بطلب طرح الثقة بالوزير والذي تم رفضه خلال جلسة يوم الاربعاء الماضي، وبذلك نستطيع القول ان فترة التهديد والتلويح باستجواب الوزراء او الحكومة قد طويت، والسبب كله يرجع الى الشعب الكويتي الذي أحسن الاختيار وغير تركيبة مجلس الامة الحالي.
يجب علينا ان نشكر النائب مسلم البراك الذي اسدى خدمة لم يكن يقصدها وهي الانتهاء من شبح «فزاعة الاستجواب» التي كان نواب التأزيم يهددون بها الوزراء، كما ان الشكر يجب ان يوجه ايضا لمعالي وزير الداخلية الذي واجه الاستجواب بكل شجاعة وقبل الصعود الى المنصة ومواجهة طلب طرح الثقة.
فعلى كل وزير يهدد بالاستجواب ان يرحب به ويصعد المنصة بكل شجاعة ويقوم بالرد على محاوره، بل وعليه ان يطمئن الى ان طلب المستجوب طرح الثقة به، وذلك لان الشعب الكويتي هذه المرة قدم نوابا يريدون ان يضعوا صفة التأزيم التي لاصقت المجالس السابقة وراء ظهورهم.
يجب على نواب مجلس الامة «المخضرمين» ان يقبلوا ويسلموا بأن بساط المجلس قد سحب من تحت اقدامهم لصالح النواب الجدد، ولابد ان يقوموا باستيعاب الدرس والرسالة التي وجهها الشعب الكويتي خلال الانتخابات الاخيرة بعد ان قاموا بايصال نواب جدد وطاقات شبابية ونسائية لاول مرة، تجيد اللعبة السياسية جيدا ويبدو انها تحرص على تلمس نبض الشارع ومعرفة ما يهمه، بدلا من العبث السياسي والجدل العقيم، المتمثل بالحرص على استخدام ادوات دستورية من اجل الرقابة والمحاسبة واهمال ملفات التنمية والاقتصاد وكل ما يهم الشارع الكويتي.
وفي نفس الوقت نذكر النواب الجدد بان عملهم يجب ان يكون منظما من خلال تكوين كتلة برلمانية تضم جميع الاطياف، سنة وشيعة، حضرا وبدوا، مناطق داخلية وخارجية، ليقوموا بإثبات وجودهم وقيادة دفة البرلمان الكويتي، مثلما اجادوا ادارة ملف استجواب وزير الداخلية والعبور به الى بر الامان.
ولكن يجب عليهم ان ينتبهوا جيدا الى ان قدرتهم على التعامل الجيد مع ملف الاستجواب ليست نهاية المطاف، فمازالت امامهم ملفات التنمية العالقة وملفات اخرى، مثل ملف غير محددي الجنسية وملف العمالة الوافدة وملفات الرياضة والاسكان وغيرها من القضايا التي تاهت داخل اروقة المجلس، ولابد من مد يد التعاون مع الحكومة من خلال انهاء الملفات العالقة مع عدم اهمال الرقابة والمحاسبة، اما الحكومة والتي من الواضح أنها تريد تجاوز التشنج السياسي الذي شاب العلاقة بين السلطتين خلال المجالس السابقة، فعليها ان تقوم بترجمة برنامجها وخططها التنموية على ارض الواقع، ويجب عليها الاستفادة من الجرعة السياسية التي حصلت عليها من هذا الاستجواب، والقيام بتنفيذ مشاريعها التنموية والبدء بحل كل ما يؤرق الشارع الكويتي.
استجواب اثار الجدل، اراد مقدموه ان يستثمروه لصالحهم، ولكن البدلاء الجدد كانت لهم كلمة الفصل واثبتوا انهم اهل للثقة التي اولاها لهم الشعب الكويتي، باختصار لقد نجح الشعب الكويتي.