عدنان فلاح الشمري
وصلني منذ فترة بريد الكتروني رائع من الإخوة القائمين على جائزة البغلي للابن البار، هذه الجائزة التي انطلقت لأجل تأصيل قيم احترام ورعاية الرعيل الأول وشكرهم على ما قدموه من تراث وقيم ومبادئ توارثوها من جيل إلى جيل. هذه الجائزة المهمة أتت لتكمل دائرة التواصل والتكافل الاجتماعي والإنساني في الكويت، هذا التواصل الذي كان ومازال يترك أثرا مميزا في الأذهان ويعطي انطباعا جيدا لدى الزائرين لنا، فكم انبهر الزائر للكويت من صور تكافل وتواصل المجتمع عبر قنوات ونماذج مشرفة، مثل الديوانيات واللجان الخيرية وجمعيات النفع العام وغيرها من الأشكال التي تجسد أصالة المجتمع الكويتي.
هذا المشروع القيمي والإنساني يعتبر من أهم قنوات الاتصال التي سترسخ التواصل بين أجيال الماضي والحاضر والمستقبل.
ولكن الرسالة التي وصلتني جعلتني أفكر بأن مثل هذا المشروع يوجب أن يتم الالتفات إلى فئة مهمة وشريحة كبيرة تم تجاهلها لسنوات عديدة من قبل الحكومة والمجلس وفعاليات أخرى، وهي فئة غير محددي الجنسية. فهذه الفئة قدمت للكويت الكثير حالهم كحال باقي فئات الشعب الكويتي، فرجال الكويت من البدون شاركوا إخوانهم في كل صغيرة وكبيرة وقاسموا أهلها الشقاء والرخاء، ولكنهم اليوم مهملون ولا يتم الالتفات إليهم عند الحديث والمبادرة إلى مثل هذه المشاريع. فهل يعلم الإخوة القائمون على مثل هذه الجوائز، بأن هناك جيلا رائعا من البدون قد حمل السلاح مدافعا عن اسم الكويت وساهم في رفعة بلدهم في الحروب العربية وفي حرب تحرير الكويت؟ وهل يعلمون أن هناك من البدون من عمل في مختلف قطاعات الدولة وبذل زهرة شبابه من أجل الكويت، وهم اليوم محرومون من أبسط صور التكريم؟ هل يعلم الإخوة القائمون على هذه الجائزة وغيرهم من حكومة ومجلس أن هناك الكثير من كبار السن والعجائز اليوم لا يجدون حياة كريمة في بلدهم؟ وهل يعلم الجميع أن هناك الكثير منهم من يعمل ويكدح ليلا ونهارا وهو في هذه السن المتقدمة من أجل توفير لقمة العيش لأبنائه وأحفاده؟ هل شاهدتم صورة الانكسار والقهر الذي يعلو محيا كل منهم وهو يجوب اللجان الخيرية مطأطئا رأسه من الخجل؟ هل رأيتم منظرهم وهم يتلثمون بالغترة حتى لا يعرفون؟
وقت مستقطع: يبدو أن الضجة الإعلامية التي صاحبت إعلان وزيرة التربية والتعليم العالي حول تعيين المدرسين البدون في مدارس وزارة التربية كانت مجرد جعجعة بلا طحين، فعلى ما يبدو أن اللوبي المضاد لأي قرار في صالح غير محددي الجنسية قد استطاع فرملة قرار الوزيرة، تماما كما حدث مع إعلان وزير الداخلية سابقا عن رغبته بالاستعانة بأبناء البدون لسد النقص في سلك الشرطة.