عدنان فلاح الشمري
النائب اللبناني وليد جنبلاط، حيرتنا معك وجعلت لبنان يعيش على صفيح ساخن لأكثر من مرة، وصرنا لا نعرف من أنت وماذا تريد وإلى أين تود الذهاب بالمشهد السياسي في لبنان؟ فتارة أنت القيادي الأبرز لتشكيل تحالف 14 آذار بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري وكنت أكثر ملكية من الملك نفسه، واليوم يبدو أنك ستلعب نفس الدور لتفكيك هذا الحلف عندما أعلنت أن تحالفك مع قوى الأكثرية كان بحكم الضرورة ويجب ألا يستمر. ألبت الشعب اللبناني والقيادات العربية، وكنت تصول وتتجول بين العواصم العربية والعالمية من أجل الضغط على حزب الله وسلاح المقاومة، الذي كان يشكل خطرا على لبنان ويجعل من قرار السلم والحرب بيد حزب الله، وفيما بعد تكتشف أهمية هذا السلاح، وتدعو بالنظر من خلال العين الثانية إلى الخروقات الإسرائيلية في لبنان وإلى عدم التحول كحرس لحدود إسرائيل. حرضت على سورية ووصفتها بأنها السبب في كل ما يدور في لبنان، لمحت غير مرة -وأنت تقود 14 آذار ـ الى أن حزب الله وسورية كانا وراء اغتيال الحريري وغيره. واليوم تخطب ود سورية، وتصف تقرير «ديرشبيغل» الذي اتهم حزب الله باغتيال الرئيس الحريري بأنه مشروع فتنة. ولا نعلم أين ذهبت الفتنة التي كادت أن تودي بلبنان مرة أخرى إلى حرب أهلية في مايو من العام الماضي، ولا ندري من كان وراء إشعال تلك الشرارة بين الموالاة التي شكلتها والمعارضة التي اتهمتها يا سيد جنبلاط، قبل تلك الفتنة كنت تقف ضد طلب المعارضة للثلث الضامن وتصرح دونما تردد وبكل ثقة بأن ذلك سيكون على جثثكم.
نعم يا سيد وليد، الثلث الضامن تحقق بعد أن توسط حكماء العرب بينكم وبين المعارضة ولكنه أتى وللأسف على جثث الشعب اللبناني المسكين. هذا الشعب الذي قدم الدماء تلو الدماء ليس لأجل الدفاع عن ترابه، ولكن بسبب الحروب الأهلية التي أشعلتها الأحزاب والقوى التي تقودونها يا سيد وليد. ذهبت إلى واشنطن لتلتقي بالنخب السياسية وتلقي المحاضرات مؤلبا على حزب الله وسورية، واليوم تعترف بأن تلك الزيارة كانت نقطة سوداء. لعلك كنت محقا بأنها كانت نقطة سوداء عندما صرحت بأن هدف زيارتك لجلب دعم عسكري وسياسي ضد الاحتلال السوري غير المباشر للبنان. واليوم بعد أن تأكدت من أن الولايات المتحدة لن تكرر مغامراتها في المنطقة، انتبهت وأيقنت بأن عهد الوصاية السورية قد ولى وأن الجيش السوري قد انسحب، وصرت تخاطب شركاءك في الموالاة وتدعوهم إلى علاقات مميزة مع دمشق وعدم البكاء على الأطلال. تلك الأطلال التي خلفتها الحرب المجنونة الخاسرة التي شنتها اسرائيل على لبنان في صيف 2006، وجعلتها المقاومة اللبنانية تجر أذيال الخيبة. أظنك نسيت دعوتك إلى فرض رقابة دولية على الحدود السورية اللبنانية لمنع تهريب الأسلحة والأموال، ونسيت الاتهامات بقيامك بلعب أدوار سلبية -وآخرين في الموالاة ـ أثناء تلك الحرب المشؤومة.
سيد وليد، لا نعرف ما هدفك من التصريحات الأخيرة، هل هو اعتراف وإدانة للذات؟ أم رغبة في خلط الأوراق مرة أخرى؟ تركت تحالفك مع قوى الأكثرية وأنت تعلم وعلى يقين بأن المعارضة لن ترحب بك وتستقبلك استقبال الأبطال، فصرحت بعد ذلك بأنك ستنضم إلى جانب رئيس الجمهورية. الله وحده يعلم ما الصيغة الجديدة التي تسعى لها؟ لذا ندعو الله أن يلطف بالشعب اللبناني من نوعية التحالف الجديد الذي ستعلن عنه، هذا الشعب الذي صار يجهل من قتله؟ ولم تم اغتيال وطنهم الجميل مرات عدة؟ وأين سينتهي مصيرهم ومصير لبنان على ضوء تصريحاتك الغريبة؟!
[email protected]