عدنان الشمري
تعيش البلاد هذه الأيام أجواء من الخوف والقلق بعد تزايد المخاوف من انتشار مرض انفلونزا الخنازير وتحوله إلى وباء يصعب السيطرة عليه، بالإضافة إلى الكارثة البيئية التي قد تنتج بعد خروج محطة مشرف لمعالجة مياه الصرف الصحي عن السيطرة والاضطرار لتحويل مياه المجاري إلى البحر، ولكن الأمر الأخطر والمقلق هو ما قد يضطر الحكومة ويجبرها على التحول عن مواجهة هذه الأخطار إلى مواجهة سياسية ساخنة مع مجلس الأمة، فعلى ما يبدو أن بعض الأعضاء لا يمكنهم الاستمرار في المجلس دون أن يسلكوا نفس النهج الذي ساد العلاقة بين السلطتين في مجالس سابقة.
إن المخاوف التي تحيط بالبلاد ستكون كارثية فعلا إذا استمر التهديد الذي يقوم به بعض أعضاء مجلس الأمة، واستمر التصعيد الإعلامي لبعض وسائل الإعلام وبعض الكتاب تجاه خطط الحكومة لمعالجة ملفات انفلونزا الخنازير ومحطة مشرف. فتلك الملفات لا يمكن التعامل معها بشكل سليم دون توافر الأجواء مناسبة، ودون التوظيف المدروس لجميع الجهود والطاقات من أجل التصدي والاستعداد لأي أمر طارئ حفاظا على أرواح البشر.
يجب على الجميع في ظل هذه الظروف أن يكون سندا وعونا للحكومة من أجل توفير كل الطاقات والإمكانيات اللازمة لإيجاد وسائل ناجعة للحد من أي تطورات كارثية، فمن الغريب أن نسمع انتقادات كثيرة ومتكررة مجردة من أي آراء فنية أو تقنية لأي عمل أو خطة يعلن عنها الوزراء المعنيون بهذه الملفات، مما سيؤدي إلى تشتيت الجهود وانجرار الحكومة إلى الدخول في دوامة الدهاليز السياسية والانشغال عن معالجة هذه القضايا.
إن ممارسة بعض النواب هذا النهج المتمثل في التهديد باستجوابات قادمة أو التشكيك في قدرة الوزراء على أداء مهامهم، في حين أن الوزراء المكلفين بإدارة هذه الملفات هم من أصحاب الخبرات والكفاءات العلمية والأكاديمية، تعطي شعورا بأن الهدف من هذا النهج لا يصب في صالح تلك الملفات وإنما يصب في مصلحة أجندات سياسية وتكتيكات أخرى، مع أنه يمكننا القول ان هناك قصورا واضحا يمكن رصده تجاه تعامل الحكومة مع هذه الملفات وعلى الحكومة أن تسعى لإقناع مجلس الأمة والرأي العام بفاعلية خططها، إلا أنه من غير المقنع أن يتم انتقاد سياسات وزارة الصحة مثلا وعلى رأسها وزير اختصاصي، أو أن يتم التشكيك في قدرة وزارة التربية على بدء العام الدراسي الجديد وعن مدى استعدادها لمواجهة أي طارئ صحي، فهل يستطيع النواب المتصدون لأي خطة حكومية إقناع الشارع؟ هل لديهم من الخبرات والكوادر والفرق الاستشارية التي تستطيع تفنيد الاستعدادات الحكومية؟ وهل يستطيعون تقديم خطط بديلة؟
نحن هنا لا نريد أن ندعو بالحجر على آراء هؤلاء النواب أو تهميش دورهم الرقابي، ولكن المطلوب منهم في ظل هذه الأزمات هو أن يكونوا في خندق واحد مع الحكومة من أجل المرور بسلام من هذه الكوارث وتقديم ما لديهم من عون ونصح وإرشاد. وفي نفس الوقت عليهم أن يعوا جيدا أن الشعب الكويتي يعيش حالة من القلق والخوف وأنه بات لا يتحمل أي طارئ سياسي جديد جراء هذه الأجواء المتشنجة.
كما نتمنى من جميع الكتاب ووسائل الإعلام أن يتم التعامل مع هذه الأمور من منطلقات فنية بحتة، فهذه الملفات المثقلة لا تحتاج منهم أن يزيدوا جرعات التشنج السياسي التي يقودها بعض أعضاء مجلس الأمة. كما أن عليهم النأي عن النفس الطائفي الذي بدأ يسود الساحة الإعلامية هذه الأيام حتى صار التفسير السياسي والطائفي والقبلي هو السمة السائدة لأي ملف يتم تداوله في البلاد، وصار الكل خبيرا والكل يستطيع تقديم الحل السحري، إن الحل يكمن فقط في الحوار والتعاون والمشاركة في الآراء من أجل الصالح العام والالتفاف حول سور الوحدة الوطنية.
[email protected]