عدنان فلاح الشمري
كعادة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله يبرز للجميع حرصه البالغ على وحدة الصف ويؤكد امتعاضه من كل ممارسة قد تهدم سور الوحدة الوطنية الذي يتمترس حوله دائما أهل الكويت. وهذا ما حاول سموه بيان أهميته للشعب الكويتي عندما استذكر معهم المحطات التاريخية التي جسدت تلاحم ووحدة الصف، وكيف أن هذه الوحدة لم تأت من فراغ أو بشكل عابر، وإنما أتت من خلال توافق وطني وتعايش سلمي، وأن هذه الوحدة تم تأكيدها عندما روى أبناء الوطن هذه الأرض عبر دمائهم الزكية ومن خلال النهضة التي قامت على أكتاف أهلها. لقد كان خطاب صاحب السمو حفظه الله بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك عبارة عن توجيهات سامية لأبناء الشعب الكويتي من أجل نبذ الفرقة والتعصب وترك كل الصور التي باتت تشكل انعكاسا لممارسات غريبة عن المشهد الكويتي، هذا المشهد الذي تجسد عبر صور وأمثلة للوحدة الوطنية سطرها أبناء الكويت في أحلك الظروف والمحن.
ولقد كان أروع ما في خطاب صاحب السمو هو اختياره للآية الشريفة التي بدأ بها، والتي أراد من خلالها تذكير أبناء الكويت بان الوحدة الوطنية إحدى أهم النعم التي أسبغها الله تعالى علينا، لذا كان ومازال لزاما على الجميع أن يحافظوا على هذه النعمة الإلهية، كما أن سموه قد بين للجميع ما يقلقه وما يؤلمه حفظه الله، مما قرأه وتابعه وسمعه من تصنيفات وتقسيمات لأبناء الوطن وإثارة للنعرات الطائفية والقبلية، هذه التصنيفات التي أكد سموه أننا لم نعتد عليها ولم نكن نعرفها أو نقبل بها في وطن واحد لا يفرق بين أبنائه. كما أن نبرة الحزم والثبات في خطاب صاحب السمو كانت واضحة وهو يضع النقاط على الحروف، تلك النبرة التي كررها سموه في مناسبات سابقة وها هو يعيدها على أسماع كل من يريد بهذا الوطن سوءا أو تفرقة بين أبنائه، أو من يريد تعكيرا لصفو وأمن البلد واستقراره، لذلك كان سموه واضحا وحازما عندما قال إنه لن يسمح لكائن من كان بالمساس أو العبث في النسيج الوطني، وكان سموه دقيقا عندما شخص بنظرته الثاقبة الممارسات التي أدت إلى ما بات يشكل هاجسا وقلقا لديه، فقد كرر هذا الحديث عندما التقى في وقت سابق برؤساء تحرير الصحف اليومية وها هو سموه يعيد ما يراه سببا رئيسا لهذه الممارسات المرفوضة، فقد كرر دعوته لوسائل الإعلام ان تعمل من أجل أن تحفظ للحرية مساحتها المقبولة، وأن تمارس دورها دون أن تكون أدوات ووسائل لبث الفتنة والفوضى والشقاق والصراع بين فئات المجتمع. إن هذه النظرة الثاقبة لم تغفل ان العالم يعيش في سباق محموم لأخذ زمام المبادرة في جميع المجالات والأصعدة، وأنه يخشى ان نفقد اللحاق بهذا الركب عندما بين ان من أهم أسباب التخلف هو قلة العمل وكثرة الجدل واستبدال التسامح بالخلاف والفرقة.
كان خطاب صاحب السمو حفظه الله واضحا وشفافا ولا يحتاج إلى تأويل أو تفسير، فهل تكفي اللبيب هذه الإشارات؟ أم على قلوب أقفالها؟
[email protected]