عدنان فلاح الشمري
هل يعقل ونحن نعيش في دولة غنية وديموقراطية أن يتم توزيع اللحوم بالبطاقة المدنية، أو أن يمارس علينا نظام شبيه بالاشتراكية من قبل مؤسسة اقتصادية سمح لها أن تحتكر احدى أهم سلع الأمن الغذائي؟ وهل يعقل أن يقف الناس طوابير طويلة أمام معارض وزرائب شركة المواشي من أجل الحصول على خروف مستورد، وأن يصل الحال بالناس بالبحث عن «الواسطة» من أجل كيلو لحم؟ وهل يعقل ونحن في دولة مؤسسات أن تتم ممارسة أقسى أنواع التمييز العنصري من أجل قطعة لحم، وأن تتفرج الحكومة ممثلة في وزارتي التجارة والبلدية على ما تقوم به شركة المواشي من رفع غير مبرر للأسعار؟ وهل يعلم المسؤولون في هذه الوزارات أن هذه الشركة تمارس سياسة عنصرية في توزيع اللحوم؟ وهل أعضاء مجلس الأمة وأعضاء لجان حقوق الإنسان على دراية بأن شركة نقل المواشي باتت تعطي صورة سيئة عن الكويت، بعد أن صارت لا تعطي الخراف الحية والمنخفضة السعر نسبيا إلا لمن يحمل بطاقة مدنية وأن يكون كويتي الجنسية. بكل بساطة يعني أن المقيمين وأبناء البدون محرومون من شراء المواشي الحية، وأخشى ما أخشاه أن يتم رفع سقف شروط هذه الشركة وألا تبيع إلا لمن يحمل جنسية كويتية بالتأسيس.
لا أعلم أين دور التجارة والبلدية من مسألة ارتفاع أسعار اللحوم، ولا أدري إن كان وزير التجارة والصناعة على دراية بالأسعار الخيالية التي تباع بها اللحوم المحلية والمستوردة سواء كانت حية أو مذبوحة. وهل يدري الوزير أن الخروف المستورد من استراليا أصبح يباع في السوق بما يقارب الـ 45 دينارا وأن سعر الخروف المحلي قارب الـ 80 دينارا؟ وهل نمى إلى علم المسؤولين المعنيين ما تقوم به شركة نقل المواشي من سياسة توزيع اللحوم على محلات الجزارة بشكل يؤدي إلى ندرة المعروض، أو بالسياسة العنصرية المهينة التي تمارسها من خلال قصر بيع الخراف الحية المنخفضة الأسعار على الكويتيين دون غيرهم؟ عندما شاهدت الأسعار الخيالية للحوم لا أعلم لماذا تذكرت منطقة جواخير كبد التي أنشأتها الحكومة من أجل حفظ الأمن الغذائي. ولكن يبدو أن الأمن الترفيهي والسهرات الليلية قد طغت على صوت الخراف في تلك القصور والڤلل التي كانت من المفترض أن تكون زرائب من أجل أن يمارس مربو المواشي مهنتهم بصورة مريحة.
ولا أدري أين ذهب صوت أعضاء مجلس الأمة المطالبين بدعم الأعلاف للمواشي التي كانت من المفترض أن تكون قد ملأت السوق الآن وسدت العجز والنقص. فلكم الله يا من حرمتكم شركة نقل المواشي من اللحوم الرخيصة، وعليكم انتظار مجلس الأمة حتى يعود من إجازته الطويلة لينشغل عنكم بصراعات جانبية واستجوابات طويلة.
كما عليكم انتظار مسؤولي البلدية بأن ينتهوا من حل قضية محطة مشرف حتى يتفرغوا للحم العربي والاسترالي، أما وزارة التجارة فكالعادة ترتفع الأسعار وترتفع ولا حياة لمن تنادي، يعني ببساطة انسوا الموضوع وأعانكم الله على الاقتصار على لحم الدجاج الأبيض الشهي. وعليكم أن تعودوا أنفسكم وتأخذوا جلسات علاج نفسية من أجل تدريب المعدة على اعتبار لحم الدجاج على أنه لحم أحمر مستورد من استراليا ولكن ليس عبر شركة نقل المواشي، أو من سلالة الخراف التي تحمل الجينات العربية الأصيلة، واحمدوا الله أنه لا توجد لدينا حمير كثيرة حتى يبدأ لحم الحمار في التسلل إلى أحشائكم.
[email protected]