يحاول البعض استغلال أي تصريح أو خبر ما يتعلق بمسألة عروبة أو فارسية الخليج الذي تتجاور عليه عدد من الدول العربية على الساحل الغربي وايران على الساحل الشرقي، فهذا الخليج يعتبر عربيا عندنا وفارسيا عند الإيرانيين، وهو نفس المسطح المائي الحيوي والاستراتيجي الذي حبانا به الله سبحانه وتعالى، وهو نفس المسطح الذي تتنفس من خلاله جميع الدول المتجاورة الحياة، وهو نفس المسطح المائي الذي يحتل مكانة هامة لدى جميع ساسة هذا العالم. فقد أثار تصريح سفير دولة الكويت في طهران السيد مجدي الظفيري لوكالة الأنباء الإيرانية حول صحة تسمية الخليج بالعربي أو الفارسي، وبأن هذا الأمر لا يشكل نقطة خلاف لشعوب المنطقة، أثار تصريحات متباينة هنا وهناك.
هناك حقيقة متفق عليها لدى الجميع، وهي أن الخليج موجود وأن الكل ينعم بخيراته ويستطيع استغلاله، أما الحديث عن تسمية الخليج فهناك عدة حلول من الممكن أن تطرح ومن الممكن أن يتم الاتفاق عليها. أحد هذه الحلول هو الاحتكام إلى رأي المختصين في الجوانب التاريخية والجغرافية والوثائقية، للوقوف على التسمية الصحيحة واعتمادها في جميع المحافل الدولية والخرائط الجغرافية. والحل الثاني هو القبول من الطرفين والتسليم بأن يستخدم العرب مسمى الخليج العربي في جميع استخداماتهم اليومية والرسمية وأن يستخدم الإيرانيون مسمى الخليج الفارسي، دونما أي حرج ودون إدانة طرف لآخر أو القيام بممارسات تستنكر أو تمنع الطرف الآخر من أن يستخدم هذا المسمى. ولقد أشار السفير الكويتي في أثناء تصريحه لوكالة الأنباء الإيرانية إلى هذا الحل بشكل غير مباشر، عندما قال: إنه يجب ألا تكون التسمية قضية تثير الحساسية بيننا، ونحن لا نتعامل بهذه الحساسية المفرطة، لاسيما أن العديد من المؤتمرات الدولية تستخدم التسميتين (اربيان وبيرشن غلف). هناك حل آخر مطروح هو أن يتم دمج اللفظتين واستخدام لفظة الخليج العربي ـ الفارسي.
هذه الحلول من الممكن مناقشتها عبر الدوائر المعنية بين البلدان العربية وايران من خلال اللقاءات الرسمية أو البرلمانية أو الأكاديمية، ومن الممكن الإتفاق على أحدها، ولا أتصور أن أي طرف سيتعنت في اختيار أحد هذه الحلول. هذه المناقشات يجب أن تنحصر في تلك الدوائر المعنية دونما تدخل من أي طرف غير معني، فنحن هنا لا نحجر على أصحاب الرأي من التعبير عن رأيهم، ولكن المطلوب في ظل الظروف الدولية والإقليمية الراهنة عدم إثارة مثل هذه المواضيع الحساسة والتي من الممكن أن تؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها في الوقت الحاضر. كما أن المطلوب قبل أن يقرر المسؤولون في هذه البلدان الاتفاق على حل ما، ترك أي ممارسة استفزازية تثير حساسية الطرف الآخر ضد تسمية طرف ما للخليج بالعربي أو الفارسي.
[email protected]