توالت التحليلات والتكهنات حول أسباب انعقاد الاجتماع الثلاثي الذي انعقد منذ أيام في العاصمة السورية دمشق، والذي ضم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد والرئيس السوري بشار الأسد وأمين عام حزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله. فهذا الاجتماع ضم ثلاثة حلفاء غير مرغوب فيهم من قبل اسرائيل والولايات المتحدة الأميركية كما صرح المسؤولون هناك أكثر من مرة. كما أن الاجتماع أتى بعد أن وصلت المفاوضات بين الغرب وإيران على الملف النووي إلى طريق شبه مسدود، وبدأ تداول تشديد العقوبات على طهران والتدخل العسكري بشكل مكثف. فما الذي يجري؟ وما الذي دفع القيادات الثلاثة إلى الاجتماع في هذا التوقيت؟ هل هو إحساس بأن طبول الحرب تم قرعها من جانب الولايات المتحدة واسرائيل؟ أم هو خطوة استباقية واستعراض للقوة؟ أم هو وسيلة ضغط على الولايات المتحدة؟
أسئلة كثيرة باتت تدور في أذهان المحللين والمراقبين المهتمين بشؤون المنطقة، فزيارة الرئيس الإيراني أتت بعد فترة وجيزة على دعوة وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون لسورية بأن تبتعد عن إيران وأن تدع تحالفها معها. فعلى ما يبدو أن هذا الطلب لم يعجب دمشق، فردت بتصريحات مفادها أن دمشق لن تتنازل عن تحالفها مع طهران، وأنها تقيم علاقاتها الدولية بناء على مصالح شعبها فقط. لذا جاء الرد السوري عمليا عبر هذا الاجتماع، خصوصا بعد أن أثبتت واشنطن – حسبما ترى دمشق- أنها غير جادة في تعزيز علاقاتها معها وتوطيدها بشكل يخدم مصالح الجميع وبحياد. الشيء المهم أيضا في هذا الاجتماع، هو حضور الأمين العام لحزب الله والذي لم يظهر على الملأ خارج بيروت منذ 2006. هذا الظهور أتى بعد أن أعلن السيد نصرالله، أن حزبه سيرد العدوان بمثله إن ضربت موانئ ومطارات ومصانع لبنان. فهذا التهديد يبدو أنه جاء ليقطع الرغبة الإسرائيلية في التفكير بالعدوان من جديد على لبنان، كما أن السيد حسن يعرف جيدا أن اسرائيل تأخذ كلامه ووعيده على محمل الجد. كما أن زيارة نجاد لدمشق ولقاءه بمسؤولي حزب الله وفصائل فلسطينية، جاء ليبين لإسرائيل أن أي تفكير جدي في ضرب طهران أو المنشآت النووية، يجب أن تتم دراسته وفقا للمعطيات التي تريدها طهران. فهذه اللقاءات هي رسالة لإسرائيل بوجود حلفاء قريبين جدا من مفاعل ديمونة ومن المنشآت العسكرية لإسرائيل، يمكنهم خلط أوراق الحرب إن أرادت طهران.
زيارات هنا وهناك، ولقاءات واجتماعات وتصريحات متعددة، فهل هي طبول الحرب؟ أم هي وسائل ضغط ومحاولات لتغيير مسار الأحداث إلى اتجاهات أخرى؟ سيناريوهات عديدة وتحليلات متنوعة، فهناك من يذهب إلى فكرة أن جرس الحرب قد تم دقه فعلا، وهناك من يذهب إلى أنه لا حرب ستقع، ولا أحد يستطيع الجزم أبدا بما سيجري. ولكن الشيء الأكيد هو أن الحرب إن وقعت لا سمح الله، فإن أحداثها لن تقتصر على أماكن جغرافية محدودة وإنما رقعتها ستكون واسعة، لذا فإن مسألة الدفع بعدم وقوع مثل هذه الحرب الكارثية أصبحت لزاما على ساسة المنطقة وأهلها.
[email protected]