منذ اندلاع الثورة في مصر، كان الإعلام المصري الموالي للنظام السابق لا يتوانى في تحذير الجهات الدولية والإقليمية والمحلية بصورة مباشرة وغير مباشرة من خطورة الإخوان المسلمين، ولاسيما أن إسرائيل قامت بنفس الدور عبر تحذير حليفها الأساسي أميركا والدول الأوروبية من خطورة الإخوان المسلمين.
فوبيا الإخوان التي قادها النظام المصري السابق وتم تسويقها إقليميا وعالميا، كان سببها العداء الواضح بين النظام المصري السابق وجماعة الإخوان المسلمين، بينما إسرائيل تسعى وبجهد كثيف الى عدم التفاوض والتعاون مع أي جماعات إسلامية.
وبعد أن تنحى الرئيس السابق حسني مبارك، سارع الإخوان المسلمون إلى بيان عدم نيتهم تقديم مرشح للرئاسة، ربما أراد الاخوان المسلمون بذلك الإعلان تخفيف حدة الخوف الإقليمي والغربي وربما التوتر المحلي المصري من إمكانية وصول جماعة الإخوان المسلمين لأعلى مراتب الحكم في الدولة المصرية، وعليه فقد استقرت جماعة الاخوان المسلمين على دعم الثورة الشبابية المصرية والابتعاد عن زج الدين والمفردات الإسلامية في خطابات قياداتهم وشبابهم، والتركيز على ضرورة كفالة الحريات السياسية والعدالة الاجتماعية والقضاء على الفساد بجميع أشكاله.
وبعيدا عن الاختلافات الايديولوجية بين الأحزاب المصرية المختلفة وجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن المؤشرات تدل على فوز عريض لجماعة الاخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية القادمة والتي ستسبق الانتخابات الرئاسية، وبذلك سيكون تأثير الاخوان المسلمين كبيرا على صياغة الدستور المصري الجديد، فالتنظيم الهيكلي والسياسي والتاريخ الطويل للإخوان المسلمين ونشاط قياداتهم يؤهلهم للوصول لمقاعد برلمانية كثيرة في انتخابات مجلسي الشعب والشورى.
لكن وجب علينا تأكيد أن إعلان الإخوان المسلمين عدم تقديم مرشح عنهم للانتخابات الرئاسية لا يعني ذلك قطعيا المضي في ذلك، فحقها في خوض الانتخابات الرئاسية مكفول حاليا. وبالتالي فإن هذا يفرض علينا أكثر من تساؤل، فهل وصول الإخوان المسلمين للرئاسة سوف يعطل مسيرة عملية الديموقراطية التي آمن بها الشعب المصري الذي أسقط نظام حسني مبارك بحيث ان وصول الإخوان المسلمين للقيادة العليا يعني الاحتكاك مع الغرب إلى درجة تعطيل التجارة والاستثمارات الرأسمالية والمعونات وبناء المؤسسات التي تعزز الأسس الاقتصادية والسياسية والمدنية لمصر؟ وهل ستتأثر السياحة المصرية عند اعتلاء الإخوان سدة السلطة حيث إن قطاع السياحة يشكل أحد أهم إيرادات الاقتصاد المصري؟
وثمة تساؤلات أخرى في هذا الشأن: هل وصول الإخوان المسلمين لسدة الحكم في مصر سوف يؤثر على المعاهدات الدولية خاصة معاهدة السلام مع اسرائيل؟ وهل سيختلف الدور المصري في قضية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي؟
في هذا المقام، نختم القول بأن صناديق الاقتراع هي التي ستحدد الرئيس المصري الجديد والمنتخب، وسواء كان الرئيس ذا مرجعية فكرية إسلامية أو غير ذلك، فهذا قرار الشعب المصري أولا وأخيرا، وحينها ستتحدد أبعاد وتداعيات وردود أفعال النظام الإقليمي والدولي إزاء تلك النتائج.
[email protected]