كان خبر سقوط مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين الجنوبية في اليمن في قبضة مسلحي تنظيم القاعدة خلال الأسبوع المنصرم ربما الأكثر أهمية منذ اندلاع الثورة في اليمن، إذ تبادل طرفا الصراع في اليمن سواء من الثوار أو مناصري علي عبدالله صالح الاتهامات حول هذا الشأن. فقد اتهمت المعارضة أن صالح سلم مدينة زنجبار طوعا للقاعدة أو الإسلاميين المسلحين في الجنوب لإثارة مزيد من الفوضى وزيادة تعقيد الوضع والموقف في اليمن لكسب مزيد من الوقت والتعاطف الخارجي لضرورة إبقاء الرئيس صالح حتى إجراء انتخابات رئاسية كما يعلن كل يوم من طرف الحكومة الحالية المغضوب عليها من قبل المعارضين. يلاحظ في هذا الشأن أن الرئيس صالح هو أكثر الرؤساء ظهورا في وسائل الإعلام ويلقي خطبا وتصريحات بصورة شبه يومية حول الأوضاع في اليمن، على عكس نظرائه في تونس ومصر سابقا، وفي ليبيا وسورية حاليا حيث تقبع هذه الدول في ثورات ومشاكل تهدد أنظمة الحكم فيها وتتصاعد مطالب الثوار فيها ساعة بعد ساعة. قد يكون السبب في ذلك هو أن ثقافة الشارع اليمني تختلف كثيرا عن غيرها من الدول، وقد يكون التمسك بالحكم حتى آخر رمق كون أن هناك أنصارا تدافع عن النظام الحالي باليمن وتوفر الحماية لرئيسه دافعا للخروج والتحدث للشارع الغاضب للحيلولة دون سقوط النظام برمته وانتقاله للشيخ صادق الأحمر ورفاقه وبقية المعارضين. وسواء كانت الاتهامات صحيحة من قبل المعارضة اليمنية حول تسليم صالح زنجبار في يد القاعدة بتلك السهولة أو غير صحيحة، يبقى الانزعاج والتخوف الإقليمي والدولي قائما من هذه الخطوة. إن تسلم القاعديين مناطق حساسة وامتلاكهم أسلحة وذخائر ومعدات عسكرية ثقيلة يؤخران من عملية الانتقال السلمي للسلطة في اليمن، وتعطل المساعي الخليجية وغير الخليجية لحل المشكلات القائمة فيها. ربما تكون حدود التوافق الدولي لمحاربة تنظيم القاعدة والقضاء عليها أمرا دفعت صالح ـ هذا إن صحت اتهامات المعارضة اليمنية والثوار وأنصار الشيخ صادق الأحمر ـ للجوء إلى ورقة القاعدة كاستراتيجية جديدة تمنحه قدرا من الوقت، لكنها في الوقت نفسه تقدم مزيدا من الفوضى في المنطقة، وتسمح للإسلاميين المسلحين الانطلاق والتحرر بصورة أكبر مما كانت، وتمنحهم استغلال الموقف بشكل أجرأ قد يجر إقليم الخليج العربي إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار في وقت يتحتم فيه البحث عن الاستقرار الأمني قبل كل شيء. وأخيرا، يتضح أن الرئيس صالح أخذ يستخدم كل السبل لتمديد بقائه على سدة الحكم، وتضييق الخناق على أنصار الأحمر والمعارضة اليمنية، حتى إن كان السبيل لذلك تسليم مناطق مهمة في الجنوب اليمني للمسلحين الإسلاميين أو القاعديين، وهي خطوة خطرة لها من التداعيات التي تزيد من تشابك الموقف وتعقيده، وأظن انه لابد من تفعيل المساعي الخليجية بصورة أكبر لوضع حد للأوضاع المتردية في اليمن، فالخليج العربي ودوله أكبر المتضررين جنبا إلى جنب مع الشعب اليمني من هذه الوضعية القاتمة والتي لا تظهر لها نهاية حتى الآن.
[email protected]