أحمد العنزي
منذ 16 مايو 2005 مرت أربع سنوات على حصول المرأة على حقوقها السياسية وهي الآن تحتفل بحصولها على أربعة مقاعد برلمانية جملة واحدة في مجلس 2009، وهذا العدد يشكل أهم مفاجأة في حياتنا البرلمانية، لكن ما الذي يضمره هذا الحدث؟ وهل سيشكل دخول المرأة منعطفا حقيقيا في حياتنا السياسية؟
أول ملاحظة يمكن تسجيلها في هذا السياق هي الفترة الزمنية القصيرة بين حصول المرأة على حقوقها السياسية ودخولها البرلمان مما أدخل البرلمان الكويتي في موسوعة غينيس السياسية، وهذا يكشف عن تعطش حقيقي لدى الساسة وأصحاب القرار لسماع الصوت الآخر من المجتمع خصوصا أن المرأة الكويتية نجحت ـ بشكل عام ـ في تولي الحقائب الوزارية وأبلت بلاء حسنا في التصدي للأزمات السياسية الملازمة لها.
بغض النظر عن مدى الدعم الحكومي الذي حصلت عليه بعض المرشحات، إلا أن المناخ السياسي كان خصبا لأن تنتهز المرأة هذه الفرصة ـ التي قد تتكرر في ظروف صعبة ـ وتشق طريقها لمجلس الأمة، وبالتأكيد سيبقى النجاح الحقيقي مقرونا بمدى جاهزيتها الفعلية لأن تمارس دورها الرقابي والتشريعي.
ولكن ما الذي يمكن أن تقدمة المرأة ويختلف عن الرجل في مجلس الأمة؟ على مستوى طبيعة القضايا والمواضيع الملاحظ بشكل عام أن المرأة ستهتم أكثر بقضايا دون غيرها وأهمها التعليم وشؤون المرأة والأسرة فلن نتوقع من النائبات أن يهتممن بقضية كإزالة الديوانيات مثلا.
لكن ما يمكن أن تقدمه المرأة بشكل حقيقي يرتبط بمحاولتها تغيير النهج البرلماني الذي صنعه الرجل في البرلمان وفي الخطاب السياسي بشكل عام، أي تغيير النهج الذكوري بالنهج الأنثوي الذي يغلب عليه طابع الهدوء في الطرح والابتعاد عن التأزيم وإثارة المشاكل. وهذا التغيير بضرورته الملحة يمس في حقيقته الممارسة الديموقراطية المتعثرة التي نمارسها بشكل متشدد وعنيف والمشبعة بمعاني الفحولة كالبطولة والفروسية والمسرحيات التي تصاحب الاستجوابات، فممارستنا الديموقراطية لم تكتمل بعد وتنقصها المعاني النسوية كالتسامح والمحبة واللين والهدوء والتي تجعل من دور النائب أو النائبة في البرلمان ليس مجرد دور رقابي وتشريعي بقدر ما هو تنظيمي قائم على التخطيط والتفكير الهادئ.
إن مهمة المرأة ستشكل بالفعل منعطفا وتحديا دقيقا في حياتنا الديموقراطية وتتمثل هذه المهمة في استيعابها أولا للموروث السياسي الذكوري ونقده وتجاوز إخفاقاته، وفي عملها ثانيا على جعل هذا الإرث الثقيل والمعقد يتجه نحو التنمية والتطوير، أي أن دورها يتمثل في تحقيق البعد العملي والمنقوص لمعنى الديموقراطية (التي هي بالأساس كلمة مؤنث) مارسها الرجل الكويتي ردحا من الزمن وسلب معناها الحاضن والدافع والمولد للمجتمع المدني.