طبعت في العقل العربي ومخيلته قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي (1868-1932م) الرائعة في مكانة المعلم والمعلمة ودورهما العظيم في تربية الجيل، التي يقول فيها:
قف للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي
يبني وينشئ أنفسا وعقولا
فالتعليم رسالة إنسانية سامية فهي مهنة الأنبياء والرسل، فالمعلم والمعلمة المخلصان في عملهما أجرهما عند الله ـ عز وجل ـ عظيم جدا، لكن مع الأسف لا يحظى المعلم في وزارة التربية بهذا الاحترام الذي صوره شوقي في قصيدته، فالمعلم مثقل بالأعباء التي تقسم الظهر كالإعداد الكتابي المرهق، وإعداد الوسائل التعليمية المناسبة للدرس، ووضع الاختبارات ثم تصحيحها ومتابعة دفاتر الطلاب ثم رصد الدرجات ومتابعة الطلاب المتعثرين والفائقين متابعة دقيقة وتنميتهم بالأنشطة المختلفة، ناهيك عن التكاليف الإدارية التي ليست من مهام المهنة كالإشراف على الأجنحة والكنترول والمراقبة اليومية التي أعتبرها أم الخبائث التي لا تليق بمكانة المعلم فليس من احترام المعلم أن يقف حارسا على الحمامات وفي الممرات وناطورا عند الأبواب وبائعا في المطعم ومع كل ذلك نطلب من الطلاب احترامه في الوقت الذي تعج فيه وزارة التربية بالموظفين البطالين لماذا لا يوظفون في المدارس ليستفاد من خبراتهم وليخففوا من الضغط على المعلم ليتفرغ للتعليم؟ وإلى الآن لم تسن الدولة القوانين المغلظة لحماية المعلم.
للشاعر المعلم ابراهيم طوقان (1905-1941م)، الذي قتلته مهنة التعليم وهو شاب، قصيدة يعترض فيها على شوقي:
شوقي يقول وما درى بمصيبتي
قم للمعلم وفه التبجيلا
اقعد فديتك هل يكون مبجلا
من كان للنشء الصغار خليلا
ويكاد يفلقني الأمير بقوله:
كاد المعلم أن يكون رسولا
لو جرب التعليم شوقي ساعة
لقضى الحياة شقاوة وخمولا
حسب المعلم غمة وكآبة
مرآى الدفاتر بكرة وأصيلا
مائة على مائة إذا هي صححت
وجد العمى نحو العيون سبيلا
وأكاد أبعث سيبويه من البلى
وذويه من أهل القرون الأولى
فأرى حمارا بعد ذلك كله
رفع المضاف إليه والمفعولا
يامن يريد الانتحار وجدته
إن المعلم لا يعيش طويلا
[email protected]