قرعت الأمم المتحدة جرس الإنذار لكارثة إنسانية حلت بالصومال بسبب مجاعة قاتلة قد تبيد أكثر من 500 ألف طفل صومالي، لذلك سارعت الدول الغربية (اليهود والنصارى) كبريطانيا وأميركا وألمانيا وفرنسا لتقديم المعونات المالية التي تجاوزت 63 مليار دولار إغاثة للشعب الصومالي المسلم بينما جيوب حكام العرب والمسلمين باستثناء الكويت تنتفخ وتمتلئ دون تقديم شيء يذكر! ألا يستحق هذا الموقف الإنساني العظيم من الغرب أن نراجع فكرنا الإسلامي ومنظورنا للآخر من أجل التقارب والتعايش والتسامح مع الأديان السماوية الأخرى والتخلي عن منطق فقهاء الكراهية والقطيعة مع الغرب الذين يتشبثون بفهم سطحي وقاصر للآية القرآنية الكريمة (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) «البقرة: 120»، لإفشال أي حوار أو التقاء مع المخالف لنا عقيدة وفكرا مع العلم أن وجهة هجرة المسلمين الأولى كانت إلى الحبشة النصرانية وملكها العادل الذي امتدحه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لحسن معاملته للمسلمين.
وللمفكر الإسلامي ضياء الشكرجي في كتابه القيم «لا لدين» ـ ص288 ـ رؤية عقلانية في معنى الآية الكريمة السابقة حيث يقول: «وهنا محاولة لتسليط الضوء على المعاني التي يمكن ان نستوحيها من هذه الآية وذلك كالتالي:
* الكلام عن اليهود والنصارى هنا ليس على نحو التعميم والاطلاق بل يتعلق بغالبية يهود ونصارى الجزيرة العربية في زمن الرسالة الذين واجهوا الدعوة الجديدة بالتعصب والانغلاق، والقرآن نفسه يحدثنا عن عدم جواز التعميم والاطلاق بقول الله تعالى «ليسوا سواء».
* تمثل الآية لفت نظر للمسلمين ـ لا للرسول نفسه ـ من أجل ألا يتصوروا أن الحوار والبحث عن المشتركات مع الآخرين يجب أن يقوم على أساس إرضاء للطرف الآخر إرضاء تاما لأن مطلق إرضاء الطرف الآخر لا يكون عادة إلا باتباعه بالمطلق في كل متبنياته.
* الآية تنبه من جهة أخرى إلى عدم جواز إعطاء كامل التنازلات للطرف الآخر من دون الحصول على تنازلات منه، فهل من متدبر؟
[email protected]