بقلم أحمد الجاسم
مرت علينا قبل أيام الذكرى الـ 65 لحرب 1948وهي الحرب العربية الأولى ضد العدو الإسرائيلي مرت مرور الكرام، بلا تفاعل ولا ضجيج كيف سأتحدث عن النكبة؟ وما حدث فيها ونحن نعيش نكبتنا في انزلاقنا ووقوعنا بفخ التخلف والفوضى والصراعات الأهلية والدينية والمذهبية الطاحنة التي لا تصب إلا في مصلحة أعدائنا، يكيفك أن تجلس أمام نشرات الأخبار العربية لبضعة دقائق فقط حتى تصاب بالاشمئزاز والألم من رؤية دماء الأبرياء وأشلائهم المتطايرة من أحقادنا التاريخية التي أحيت ضغائن معركتي الجمل وصفين ومع انطلاق دعوات «الجهاد والنفير العام» (التي لا تعرف طريقها لفلسطين المحتلة فمرة توجه لأفغانستان لمحاربة الخطر الأحمر الشيوعي المتمثل بالاتحاد السوفييتي سابقا وأخرى للعراق لمواجهة الخطر الأخضر الصفوي) نزداد تمزقا وافتراقا، فاليوم أصبحت سورية ومنطقة القصير هي معركة الأمة بنظر البعض ولا أحد يسأل عن تمدد إسرائيل في بناء المستوطنات في القدس الشرقية وحفرياتها المتواصلة تحت المسجد الأقصى بحثا عن هيكل سليمان المزعوم وازدياد غطرستها ونفوذها في المنطقة هذا خطر لا يعني شيئا عند حزب «الليكود العربي» بينما يتصدى للصهاينة المجرمين كتاب يهود شرفاء من أمثال: نعوم تشومسكي وإسرائيل شاحاك ونورمان فنكلستين، ومع هذا ينعتهم مشايخنا - سامحهم الله - بأحفاد القردة والخنازير.
ومع كل هذه المفخخات والانفجارات التي تهز المنطقة العربية يوميا وتحصد الأبرياء من البشر لا تجد لها استنكارا عند مشايخ الإسلام بينما يقتل سفير أميركي في ليبيا «مع استنكارنا للجريمة» يهرول وعاظ السلاطين إلى الراعي الأميركي مستنكرين قتل المعاهد.
فلقد استبشرنا خيرا بقدوم الربيع العربي وصحوة الجماهير العربية، لكن يا فرحة ما تمت، فسرعان ما سيرت قوى «التسلط والتبعية» للأجنبي قطار «الثورة المضادة» فانقضت على الحراك ودعمت الفوضى ورموز الفساد والطائفيين والظلاميين لسد الفراغ وتحوير المسار وقطع الطريق على الثوار الحقيقيين الراغبين في بناء أوطان حرة مدنية تكفل لهم العيش الكريم.
ولعل من ثمار الربيع العربي المزيف أن يكتب رئيس عربي منتخب خطابا لشمعون بيريز يبدؤه بـ «صديقي الحميم» أو أن تفتح قنصلية لإسرائيل في ليبيا ما بعد القذافي، أو أن ترى الداعية الإسلاموي الثوري وجدي غنيم الذي كان يطل علينا في عهد مبارك من قناة الجزيرة مطالبا بفتح الحدود لمقاتلة العدو الإسرائيلي فصار اليوم ـ يا حرام ـ مشغولا ومنهمكا بإعداد الأسئلة العقائدية المحرجة لشركائه في الوطن والعروبة والإنسانية من النصارى الأقباط.
إن فكرة احتلال فلسطين أعني «الصهيونية» باعتبارها وطنا قوميا للشعب اليهودي وحقا من الله يجب تحقيقه قبل ظهور المسيح ومجيء الإرادة الإلهية، وهذا ما يخالف العقيدة اليهودية الكلاسيكية التي ناهضت «الصهيونية» واعتبرتها ابتداعا حسب ما جاء في دراسة المؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي، بل تطلبت تفكيرا وتخطيطا عميقا وتعاونا وإعدادا وتآمرا ومؤتمرات استمرت سنوات عديدة وعملا مسلحا حتى سقطت فلسطين بأيديهم، فكذلك سيكون تحريرها يتطلب الخطوات نفسها.