أجلى صورة عاصرناها ونشاهدها أمام أعيننا كل يوم كمثال حي لعبارة «حين يتبدل النعيم إلى جحيم» وانقلاب الأوضاع من الاستقرار إلى الدمار فلن نجد مثالا حقيقيا لهذا المعنى كبلد مثل «سورية» فقبل سنوات قليلة كان هذا البلد قبلة للمسافر الخليجي والعربي وكانت واحة ومصيف لكل متعب يستظل بها ويتمتع بحقولها، ومركزا تاريخيا لكل دارس وباحث في تاريخ الحضارة الإسلامية، ومركزا للثقافة والأدب والفن العربي رغم وجود ما لا يمكن إنكاره من مراكز الأمن المزعجة والمتشددة.
ولأن الدنيا كذلك لا تبقى على حال كما قال الإمام علي رضي الله عنه عنها: «أحوالها تتزلزل ونعيمها يتبدل»، فلا شيء يبقى على حاله ودوام الحال من المحال. ولكن لكل تغيير أسباب وظروف وإرهاصات تبدأ قبل أن يبدأ التحول من النعيم إلى الجحيم، وأول تلك الأسباب في دمار سورية كحالة معاصرة هي «الفتنة» التي وجدت مستقرها في بيئة خصبة ومواتية، فنمت بشكل متسارع حتى صارت غولا ووحشا يبتلع الحجر والشجر والبشر، وانهار كل شيء وانقلب النعيم الى جحيم وأصبح الحال غير الحال فشرد شعبه وحرقت مروجه وهدمت بيوته فلم يتبق سوى صور الرماد.
القصد.. هذه الصورة الواقعية لهذا التحول المخيف لحياة شعب بأكمله أصبحت حديث العالم بأسره بكل بشاعة صور هذا التحول وقساوة مشاهده وبكل آلام وصرخات الأمهات الثكلى، حقيقة واحدة أن نعيم هذا الشعب أصبح جحيما.
وأتساءل أنا هنا كما يتساءل مثلي الكثيرون في الكويت، من هذا البلد الآمن، بلد الإنسانية، لماذا يصر البعض على أن يدفعنا إلى مصير مظلم مثلما حدث في سورية والعراق وغيرها من دول عاشت ومازالت تعيش في ظلام الفتنة؟ لماذا يحاول البعض أن يزرع في داخلنا الخوف من شيء ما رغم أن هذا البلد تحكمه مؤسسات أمنية متمكنة وقضاء لا يمكن تجاوزه إلا بالحق؟! لماذا يحاول البعض أن يستبدل ابتساماتنا وضحكاتنا إلى عويل وصراخ مرير؟! انها بلا شك الفتنة.
نحن دائما متفائلون بالقيادة العليا للبلد الحصن الحصين للشعب ولكن «أيد وحدة ما تصفّق» وعلى كل القوى الوطنية أن تبادر بالوقوف خلف القيادة السياسية لدرء كل خطر يريد بهذا البلد أي سوء.
http://www.ahmadalkhateeb.blog.com