أعترف بداية بأنني لا أحسن التعامل جيدا مع تكنولوجيا المعلومات وأدواتها المتمثلة بأجهزة الاتصالات والمعلومات الحديثة، وبالتالي أكاد اجهل كيف أصبحت برامج التويتر والفيس بوك ووسائل للتواصل الاجتماعي كما يطلق عليها منتشرة من خلال تلك الأجهزة التي جعلت العالم ليس فقط قرية صغيرة كما يقال سابقا، ولكن جعل الدنيا مثل «صالون اجتماعي» او «ديوانية»، الأمر الذي جعل عامة الناس رجالا ونساء يتواصلون عبر تلك الأجهزة معبرين عما في نفوسهم وعقولهم بحرية وسهولة وبشكل سريع ومتواصل، ودون مقابل اي «ببلاش». وبما انني أصنف نفسي كمبتدئ، وحديث عهد بما يسمى «التويتر» الذي دخلت عالمه بعد تشجيع وإلحاح من أولادي ـ الله يحفظهم ـ في ان اقتحم هذا المجال المجهول بالنسبة لي، والمعلوم للعالم كله والذي لم يعد يستعصي حتى على تلميذ بالابتدائي.. ومنذ ان بدأت أتعامل مع التويتر ووفق مسماه المتعارف عليه بأنه وسيلة التواصل الاجتماعي، اكتشفت وان كنت متأخرا في ذلك، انه ليس وسيلة تواصل اجتماعي فقط.. بل هو وسيلة تواصل فكري وسياسي وتواصل عاطفي وتواصل من انواع اخرى متعددة كما اكتشفت انه ليس تغريدا خالصا، نعم هناك تغريد بلابل وكناري، وهناك زقزقة زرازير وعصافير، وهناك هديل حمام، وهناك نعيق بوم والعياذ بالله.. وتساءلت كما قد يتساءل غيري ما الهدف الحقيقي من التويتر؟ هذا البرنامج الذي رفع سقف حرية التعبير الى عنان السماء، واخرج المكبوت في النفوس، وما في العقول من آراء وافكار، واصبح وسيلة فضفضة عما تكنه الصدور، هل اطلق هذا البرنامج ليصبح تعبيرا عن الذات وما تحمله من طموح وغايات؟ ام هو وسيلة لنشر الأفكار والمعتقدات؟ هل هو وسيلة لبث الهموم ونشر أحقاد؟ ام هو وسيلة للتعرف على القيادات والشخصيات ذات النفوذ والتودد اليهم؟ ام هو مجال لتبادل الأخبار العادية بين الأصدقاء وتبادل التعليقات وممارسة الهذرة اليومية في كل شيء وعن كل شيء؟.. والجواب الأكيد والحتمي لكل ما سبق من اسئلة.. نعم التويتر هو كل ذلك في العالم العربي.
والسؤال الأهم الذي يشغل البال هو لماذا اطلقت الشركة التي اخترعت هذا البرنامج المهم والخطير عبر الانترنت وعبر اجهزة الاتصالات بدون مقابل اي بالمجان؟ ولنضع اكثر من علامة استفهام خلف كلمة بالمجان وبالأخص انه اطلق من شركة تهدف الى الربح دائما مقابل خدماتها.
لا أزعم أنني اعرف الإجابة ولكن قيل قديما وللدلالة «ان الخطوة تدل على المسير والبعرة تدل على البعير».. لكن من الواضح ان من اطلق هذه الخدمة الذكية فائقة التطور وعرفها بانها وسيلة للتواصل الاجتماعي كان يهدف منها ان تكون مقبولة لدى عامة الناس.. وأطلقها دون مقابل مادي لتكون في متناول يد كل افراد وشرائح المجتمع وطوائفه وفئاته ومن كل الأعمار في كل دولة، وبالأخص في الدول النامية.. والواضح ان هدفه من ذلك ان يتيح لعامة الناس، وعلى وجه الخصوص الشباب المتلهف والمتابع لكل ما هو حديث في مجال الاتصالات، حرية التعبير عن واقعهم، عن طموحاتهم الآنية وتطلعاتهم المستقبلية، عن مشاكلهم المعيشية، وعلاقاتهم مع أنظمتهم، والتعرف على رغباتهم وهمومهم.. ببساطة وبالعربي الفصيح ان الذي اطلق هذه الخدمة دون مقابل يريد ان يقرأ، ويعرف، ويحلل ما يفكر ويشعر به عامة الناس في اي بلد يشاء.
وقد يقول قائل: لقد ذهبت بعيدا في رأيك حول الهدف من هذه الوسيلة الحضارية التي حملتها اكثر مما تحتمل، انما هي وسيلة للتواصل الاجتماعي ليس الا.. وردا على ذلك اود ان أسأل، من الذي اطلق الشرارة الأولى في مصر والتي أحرقت الأخضر واليابس عبر التويتر والفيس بوك؟ وأين يعمل؟ ومن يمثل؟ أليس هو ممثل الشركة التي اطلقت هذا البرنامج العجيب وبالمجان في الشرق الأوسط؟ وعندما قطعت السلطات المصرية آنذاك جميع وسائل الاتصالات والتواصل بأنواعها عن عموم المستخدمين، ألم تعمل الشركة إياها وفي بادرة غير مسبوقة على فتح قناة اتصال خصيصا «له» اقصد لممثلها ومسوق أعمالها في الشرق الاوسط؟ ليواصل مهمته الموكولة له، والذي قام بأدائها بامتياز.. بفضل هذا البرنامج، وبفضل المساعدة الفورية التي قدمتها الشركة التي اطلقت هذا البرنامج؟ (وهنا لابد من إيضاح ان ما حدث في مصر يخص أهلها فقط وهو ليس موضوعنا في هذا المقام وانما ذكر للتدليل فقط).. وعليه نكاد نجزم بأن هناك آخرين يؤدون وسيؤدون ذات المهمة وعبر ذات الوسائل متى ما سنحت الظروف وتوافرت الأدوات المحلية لذلك.
نخلص من كل ذلك الى ان الهدف المعلن للتويتر هو التواصل الاجتماعي، والأهداف الحقيقية من ورائه لا تخفى على احد، وأخيرا ألم نقل «ان الخطوة تدل على المسير والبعرة تدل على البعير»؟ وبعد.. فإن هذا المقال ليس دعوة للتحذير من استخدام هذه البرامج لأننا لا نستطيع ان ننغلق على انفسنا في عالم مفتوح متواصل.. لا.. سنطلق لأفكارنا العنان وسنعبر عما بدا لنا.. وسندعهم يقرأون ويحللون ويجمعون ما يشاءون من معلومات.. لان ليس ـ بيدنا حيلة!
«دعوة للتفكير»: الى أصحاب القرار ومن يهمه الأمر ان بعض من هم حواليكم يسمعونكم ما يريدونكم ان تسمعوه... فمن أجل الكويت اتمنى عليكم ان توسعوا دائرة الإصغاء لتسمعوا ما يجب ان تسمعوه.
da3wa2011@gmail