سيجد من يريد الاستمرار في كتابة مقال يومي او أسبوعي في الصحف اليومية، صعوبة بالغة ان لم تكن السياسة محور كتاباته، لأن السياسة اليوم هي محور اهتمام كثير من الناس، يتابعون باهتمام وشغف أخبارها وتطوراتها ومفاجآتها حتى انها أصبحت الشغل الشاغل لهم، والصعوبة هنا تكمن في عدة أسباب، أولها ان الكتابة في السياسة مكرر ومعاد ولم يبق أحدا الا وأدلى بدلوه فيها، السبب الثاني ان هناك عددا كبيرا آخر من الناس بدأ يكره السياسة وأخبارها لأنها لم تجلب لهم الا الاحباط، بل انها تكاد تقربهم من اليأس بسبب مجمل الأوضاع السياسية التي تحيط بهم، والسبب الأهم ان من يكتب في الشأن السياسي اليوم في خضم الانقسام الواضح على الساحة السياسية فهو مصنف مع أو ضد رغما عنه، حتى وان كانت منطلقاته وطنية بحتة، حتى وان كانت المصلحة العامة هي هدف كتاباته فمع او ضد هو البديل السائد اليوم عن احترام الرأي والرأي الآخر حيث تلخصت حرية التعبير لدى البعض انك حر في التعبير ما دام تعبيرك مؤيدا لما اطرح من آراء وأفكار وأقوال، ولكنك لست حرا ان كانت كتاباتك تنتقد او تخالف ما اطرح او أقول واستنادا لهذا المنطق يقع اليوم بعض كتاب المقالات اليومية او الأسبوعية تحت سيف الدكتاتورية الاعلامية والتي تعتبر كل من ليس معها فهو ضدها.
وهذه الديكتاتورية لها أدواتها الهجومية المتعددة، ولعل أهم تلك الأدوات هي وسائل التواصل الاجتماعي مثل التويتر الذي تحول بفضل تلك الديكتاتورية من وسيلة تواصل اجتماعي الى وسيلة هدم اجتماعي، فبإشارة يبدأ المنفذون الهجوم على من يعتقدون انه يخالفهم الرأي حتى لو كان هذا الرأي يصب في خانة المصلحة الوطنية او المصلحة العامة، وعادة ما يأخذ ذلك الهجوم أشكالا متعددة، بدءا من السب والشتم والذم والقدح، ناهيك عن تشويه السمعة والتسفيه وحتى التخوين.
وبلا شك ان هذه الديكتاتورية الاعلامية الفاعلة على الساحة اليوم هي أول معاول هدم أهم الأسس التي تقوم عليها الديموقراطية في اي بلد من البلدان، الا وهي حرية التعبير واحترام الرأي الآخر وسطوة الديكتاتورية الإعلامية وتأثيراتها في اي بلد ما هي الا مقدمات للديكتاتورية السياسية التي لا تقبل الا الرأي المؤيد لها، فهل نحن على أبوابها؟!