بقلم: الفريق أول أحمد الرجيب
على الرغم من أننا في الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، شهر الصيام والقيام والطاعات، شهر العبادات الذي تسمو فيه النفوس، متطلعة إلى رضا الرحمن وغفرانه ورحمته، برغم هذا الجو الروحاني الذي نعيشه هذه الأيام، يرى ويسمع كل مهتم ومتابع للاستعدادات التي تجري على قدم وساق للانتخابات المقبلة في يوم 27 من هذا الشهر، أن هناك سوقا رائجة بل محمومة لشراء وبيع الضمائر، وأن الراشي والمرتشي هما سيدا الموقف في هذه الأيام، وذلك من خلال إغراءات كثيرة، بشتى ألوانها وأنواعها وأشكالها، مادية ومنافع ووعود وغيرها لشراء الأصوات، وهناك مستعدون ومستعدات لبيع ذلك الصوت لمن يشتري ولمن يدفع أكثر، دون حرج أو وجل أو رادع من دين أو ضمير أو قانون
إن الراشي والمرتشي ماتت ضمائرهم أو غيبت مؤقتا ولم يعد يهمهم إلا المنفعة الآنية. الراشي دفع لشراء أصوات قد توصله إلى كرسي العضوية، لا يهمه كم يدفع أو ماذا يدفع، لأن عينه على المغنم المادي الأكبر حين فوزه بعضوية المجلس، لأنه حتما قد وضع في حسبانه أساليب وخطط تعوضه عما دفعه من رشاوي، ومن يدفع للوصول إلى ذلك الكرسي من المؤكد أنه لا تهمه مصلحة الوطن في شيء، وليست هذه المصلحة هدفه الذي رشى من رشى ودفع ما دفع ليشتري ضمائر أعماها الطمع في هذا الشهر الحرام، قد توصله إلى مبتغاه، ولم يراع حرمة دين يحرم ما فعل، ولم يهمه قانون يجرم ما ارتكب
أما من ارتشى وباع ضميره في هذا الشهر الفضيل، فإنه لم يبع ضميره فقط، وإنما باع وطنه في لحظة سيطرت عليه نفسه الأمارة بالسوء، فقبل رشوة ومنفعة آنية لبيع دينه ووطنه جملة واحدة، لأنه بقبوله هذه الرشوة يعلم علم اليقين أنها قد توصل إلى مجلس الأمة إنسانا فاسدا مفسدا، مفسدا لأنه فتح سوقا لشراء ضمائر الناخبين من ضعاف النفوس بالمال، ليس حبا في سواد عيون الوطن، وإنما سعيا لاغتنام فرصة تمتعه بالعضوية لتنفيذ أهدافه، من خلال ممارساته وابتزازه وتهديداته، للوصول إلى مآربه التي دفع ما دفع لتحقيقها.
وليعلم المرتشون أنهم بقبول الرشوة من إنسان مفسد أنه لم يشتر أصواتهم فقط، ولكنه (كسر عيونهم) التي لا يستطيعون فتحها أمامه، أو أمام من يعلم أنهم قبلوا الرشوة وباعوا ضمائرهم وأضروا وطنهم أيما إضرار، بمساهمتهم في وصول إنسان إلى عضوية المجلس وهو لا يستحق هذا الشرف. ناهيك عن فضحهم ان تم كشف أمرهم ، وسحبوا الى النيابة، وتم نشر أسمائهم وتداولها في وسائل التواصل الاجتماعي، وها قد بانت مواريها من خلال ضبطيات المباحث مؤخرا وليعلم الراشي أنه قد يصل إلى عضوية المجلس من خلال شرائه ضمائر بعض الناخبين وبعض الناخبات من ضعاف النفوس، ولكنه سيشعر على الدوام بنقص حاد في شخصيته، لأنه يعلم علم اليقين أنه وصل إلى مجلس الأمة، بماله وبما ارتكبه من فعل حرام ومجرم بالقانون، ولم يصل بكفاءته أو بحب الناس له، هذا إذا لم يكشف أمره ويجر الى القضاء ليواجه بما ارتكبه من إساءة للديموقراطيه ومن جرم في حق الوطن.
لعن الله الراشي والمرتشي في كل زمان ومكان، وعاشت الكويت وطن المخلصين لها، وسيظل مجلس الأمة منارة للديموقراطية، برغم بعض الطفيليات التي ستصل إليه اعتمادا على شراء بعض الضمائر.