أحمد الشحومي
لا توجد دولة تريد ان تسير في ركب التطور، وتعمد إلى تغيير وزرائها كل ستة أشهر، والقضية اليوم ليست قضية قناعة بعمل كل الوزراء، بل قناعة تامة بأن التغيير الذي يشمل أكثر من حقيبة لا يفيد مجلس الوزراء بل يضره، وسمو الرئيس هو أكثر من يدرك ذلك، ويعلم بأن الاستمرار في محاولة ارضاء بعض نواب مجلس الامة لن يجدي نفعا، والسوابق كثيرة في هذا المجال.
والحكومة التي دافعت عن وزير الداخلية ليست بعاجزة عن الدفاع عن وزير المالية او غيره، فهي تملك اغلبية في المجلس اتعبتها الانتخابات وارهقتها زيارات الدواوين، ودفعت جهات كثيرة دم قلبها لايصال البعض منهم.
ولهذا فما المصلحة من تغيير كبير في اسماء الوزراء أو مقاعدهم الوزارية ما دامت الأمور تسير حسب رغبة الحكومة واحيانا احسن بكثير من أقصى أمانيها؟!
في الفترة القادمة امام الحكومة استحقاق مهم فيما يتعلق بتشكيلة مجلس الوزراء، وهذا الاستحقاق هو رسالة للجميع بأننا أمام نفس جديد للعمل في المستقبل وانه لا يمكن لفريق ان يعمل والمدرب يغير الخطة كل يوم بل يفكر في اجراء اكثر من تبديل قبل نهاية الشوط الاول من المباراة.
سمو رئيس مجلس الوزراء مطالب بتجديد الثقة في غالبية اعضاء حكومته، وان كان هناك تعديل فليكن في نطاق ضيق وبسيط جدا.
فالناس عليها ان تدرك ان للحكومة هيبة وسلطة واحتراما، وجزء من تلك الهيبة استقرارها على تشكيل واحد لفترات معقولة من الزمن، رغم اعتراضنا وغيرنا على بعض الوزراء.
ان دورنا كشعب ان نبدي الملاحظات وبعض الاعتراضات من حين إلى آخر، ولكن هذا لا يعني اننا نتمنى ان يتحول مجلس الوزراء الى دكان من السهل تغيير كل مراكزه من وقت لآخر.
الصحافة واكمالا لما كتبناه امس، تقول إن وزير الداخلية سيكون الوزير الرابع الذي سيشمله التعديل الوزاري المرتقب.
وللحقيقة فإن وزير الداخلية وبعد ان تخطى استجوابه سيكون من الغريب إبعاده، لان في ذلك مؤشرا الى أن الحكومة مقتنعة بأنه مدان في قضية الاعلانات، فإن كان الأمر كذلك فلماذا الدفاع اساسا عن رجل مدان؟!
شخصيا كنت أول واكثر من تكلم في قضية الاعلانات وفي تصريحات الأخ الوزير، ومازلت مقتنعا بأنه لا يصلح وزيرا للداخلية، ولكني ومن باب المصلحة العامة اقول إن رأينا كجمهور ومتابعين سياسيين سيكون اقسى وأمرّ في حال قبول الحكومة اليوم باعفاء وزير الداخلية من منصبه، لاننا سنسألها حينها لماذا دافعت عنه اذن؟
ولعلي اعتقد أن القبول بمبدأ احالة الملف الى محكمة الوزراء هو سبيل للوصول للحق دون التفكير في ابعاد الوزير الآن على الاقل، ما لم تكن قضية ابعاد وزير الداخلية مرتبطة بعدم احالة ملفه لمحكمة الوزراء.
فلماذا لا نقبل باحالة وزير وهو في مجلس الوزراء بدلا من ان نحيله لمحكمة الوزراء بعد ابعاده من منصبه فيظهر وكأنه فعلا مدان أمام الناس، وقد برأه قبل ايام مجموعة من نواب الأمة؟
هذا التناقض لا نتمناه لمجلس الوزراء، ولا لرئيس الوزراء تحديدا الذي عليه ان يلتفت لقضايا أهم من ذلك بكثير.
وللحديث بقية.