أحمد الشحومي
أحسب نفسي من أشد وأعتى المعارضين لاستمرار نظام العبودية المسمى بـ«الكفيل».
وأعرف جيدا ان الكثيرين – وللأسف - يقتاتون من عرق أولئك المساكين.
والبعض تعاطى مع الكفالة وكأنها نظام أو شكل من اشكال التسلط والعبودية والاستبداد، حتى اذا غاب عنه موظف لمدة يوم لا يتوانى في تسجيل قضية تغيب مع ما يرافقها من ضبط وإحضار.
والبعض الآخر يفتح مؤسسة تتحايل على نظم الشؤون والداخلية ليسحب من كل عامل تحت كفالته مبلغا وقدره في الاستقدام وآخر حين التجديد أو النقل.
وكل هذه الاعمال في رأيي «حرام» ولا احتاج بها لفتوى أو استشارة لأنها الظلم بعينه والجور بشحمه ولحمه.
في بيوتنا نضع (أحيانا) كل جبروتنا في قهر بعض الخدم عندنا، فيعالجوننا أحيانا بالمثل.
وفي العمل نتعاطى (احيانا) مع المستشار القانوني أو الخبير الهندسي أو المدقق المحاسبي أو الطيار وكأنه احد الصبية أو الخدم أو الحاشية فنلقي الأوامر ونهدد ونتوعد لو ان أحداً منهم وجد فرصة جيدة في مكان آخر.
كل واحد فينا «معزب» وكل واحد فينا «يُخدم» وكل واحد فينا عاجز عن حمل «استكانة» من موضع لآخر وفي النهاية نصب كل طاقاتنا في اذلال الناس (أحيانا).
نظام الكفيل نظام تعيس غير مأسوف على رحيله، نظام به الشيء الكثير من العبودية والاذلال، خصوصا من قبل البعض الذي لا يخاف الله فلا يحرم شيئا على نفسه.
وباعتقادي فإن الطبيب والمهندس والقانوني والمحاسب والمعلم والخبير الفني والتاجر اولى المهن بالاعفاء من نظام الكفيل التعس قبل البنشرجي والسباك مع كامل احترامي وتقديري لكل المهن.
واذا كنت متفائلا جدا لأني أثق بمحمد العفاسي وزير الشؤون (طبعا بعد شوي سأهاجم لأني أثق بوزير وكأني أثق بيهودي من حكومة اسرائيل)، اقول انا متفائل بأن هذا الرجل الذي يخاف الله لن يتوانى بعون الله في دفن هذا النظام في مقبرة الزمن غير مأسوف على رحيله.
فهذا النظام الذي سنته الحكومة ورعته في سنوات مضت وكانت تقوم بتوزيع الكفالات كهبة لبعض النواب عند التصويت، آن لهذه الحكومة ان تدفنه و«تتفل» عليه، أجلكم الله.
آن لها ان كانت صادقة في اصلاح الاوضاع ألا تترك هذا الملف ولو ساعات، فاحترام البشر يعطينا الكثير من المصداقية والاحترام لدى الآخرين، ويزرع في نفوس كل من يعيش على أرض هذه الدولة أو يسعى للعمل فيها روح الطمأنينة والاحترام.
فكم أُبعد عن هذا البلد مظلوم، وكم حبس في هذه الارض مسكين تاجر به كفيله الذي لا يخاف الله.
ألا لعنة الله على الظالمين، ومأواهم جهنم وبئس المصير.
وأخيرا أعلم علم اليقين ان قولي هذا لا يعني الا البعض من اهل هذا البلد، الذي يخاف اهله لقاء ربهم، والذين هم أحرص واول من سيسعى لنصرة من هم في أرضهم من الضيوف ولا نقول العاملين، قبل نصرة الآخرين في كل بقاع العالم.