يموج المجتمع الكويتي في علاقات مضطربة جدا فرضت عليه وجود سلوكيات سيئة كما تسببت في وجود أنماط متنوعة من الروابط منها ما هو إيجابي يخدم الوطن وقضاياه ومنها ما هو سلبي يكرس الفساد الاداري ويسبب خللا في التركيبة الانسانية، ولا ريب أن المجتمع الكويتي اليوم يعيش تحت وطأة علاقات سياسية غير منضبطة وخلل واضطراب اداري ويفترض بنا ككويتيين أن نكون على وعي بضرورة الاصلاح الا أن العجب كل العجب من أناس يتشدقون بالإنسانية ويتخذونها وسيلة لقلب الحقائق ولكسب المواقف!
إنني أتفهم حال الحكومة عندما تضع خططا لتقليل عدد الموظفين من الوافدين العاملين لديها فهذا من حقها، ولكن يجب أن يتم ذلك وفقا لخطة ذكية تحقق التوازن على كل الأصعدة وتراعي الحاجة الحقيقية وتلتزم بالمعايير العلمية لتعيين ذوي الخبرات التي ترغب في إبقائهم، كما يجب أن تقوم بضبط عملية التكويت وتسكين الطاقات الوطنية وتحقيق هذا التوازن على أرض الواقع مهم جدا، لأن ما كانت عليه الأمور من اختلال إداري وتوظيف عشوائي أوصلنا الى تضخم وظيفي/ إداري غير مقبول أدى إلى التزامات مالية مكلفة وعمالة هامشية كبيرة جدا بل ولقد زاد الطين بلة اعتماد بعض القياديين في الدولة على عقول وافدة بعضها لا يحترم ذكاء العقل الكويتي وبعضها يعطي من الاستشارات ما هو خاطئ جملة وتفصيلا دون أن يستشعر خطورة المكانة التي أعطيت له في الجهاز الاداري، ناهيك عن الكثير من الخلل الاداري الذي ينتج عن (الخوف من اتخاذ القرار) وعدم المبادرة الى الابداع في العمل الاداري بسبب ما يلقيه بعض هؤلاء المستشارين من مخاوف في قلوب القياديين وللحق أقول إن القيادي هو المسؤول أولا وأخيرا عن هذا الخلل لكن يشاركه في ذلك من وضع نفسه في موضع ليس أهلا له.
قد يتصور البعض أنني قاسٍ في حكمي هذا، لكنني أتكلم من واقع اداري أصبح لكثير من شباب وشابات الكويت كابوسا مخيفا لا نهاية له.
أقول للتاريخ إن أبناء الكويت من الجيل الواعد قد هضمت حقوقهم في ظل الفساد الاداري الذي يقبل بالواسطة والمحاباة وغيرهما ولا يصح أن يستمر هذا الوضع، كما لا يجوز أن ينتظر الكويتي الوظيفة لسنتين أو اكثر في نفس الوقت الذي يعين في دقائق من ليس أهلا للوظيفة.
ان المسألة ليست تكويتا أو معاقبة وافد بل هي إعادة ترتيب الكويت اجتماعيا وإداريا بالشكل الصحيح بعد تخبط بعض الأجهزة التوظيفية لسنوات عديدة، وأتمنى أن تكون الخطوات جادة وتراعي العدل والإنصاف وتحقق مصلحة المواطن والدولة معا من أجل مجتمع ناجح مع حفظ حقوق الوافد الذي يقدم ما لديه من خبرة حقيقية لهذا المجتمع، أما أصحاب الأقلام التي تجلد المجتمع الكويتي لكسب الشهرة فأنصحها بأن تهتم بأبناء الكويت بدلا من خلط الأوراق والدفاع عمن لا يستحق.