عناوين كثيرة تتصدر الصحف كلها تدل على وجود خلل في الانسان، وتنذر بخطر كبير على المجتمع ان لم يتداع الأفراد والمجموعات لعلاج هذا الخلل، ويكمن الخلل في فسدنة الانسان وأطلقت الشرارة من تصريح مسؤول تجتمع في يديه جميع خيوط السلطة التنفيذية وجزء من السلطات الأخرى وهي تحت إشراقه ورقابته، لقد كان استياء رئاسة مجلس الوزراء من تراجع مركز الكويت في مؤشرات مدركات الفساد للعام 2017 أمرا عاطفيا لكنه غير مقبول عمليا، إذ أنه من الواضح أن الاستياء جاء عبر مفاجأة له، وهذا يدل على أن الحكومة قد غفلت عن دورها ولم تبذل العناية الكافية التي من خلالها يتم رصد المعلومات أولا بأول لمعرفة سير أعمال كل الجهات التنفيذية في الدولة وحسن سيرها بما يتفق مع القانون، وهذا يؤكد عدم وجود أي جهه فعالة ترصد الأعمال وتضع الخطط لتطويرها، ومن هنا كان لزاما على الحكومة نفض رداء الكسل والعمل على فهم حقيقة ما يجري في مؤسسات الدولة واستئصال الخلل الذي بات يهدد التقدم والتطور في جميع المجالات.
إننا نحتاج إلى أناس يحترمون الوقت ويؤمنون بالإنجاز بلا فساد وبالاستشارة بلا مجاملات، وبالتركيز بلا تشتيت، وإلا فإن قابلية المواطن للفساد ستسود وتؤدي إلى موت الوعي لديه وهذا ما نحذر منه لأنه يعتبر بداية النهاية لكل كيان إنساني فرديا كان أو جماعيا وسيصبح الإنسان صانعا للفساد ولن نكون قادرين على تشخيص أي خطأ يرتكب في المجتمع، وستصبح «فسدنة الفرد» هي بوابة الفساد الشاملة في المجتمع الذي سيحمى الفساد بواسطة «الأدلجة» و«المصلحية» وعندها ستصاغ كل المؤشرات طبقا لمعايير المصالح الخاصة وسيتحول الفساد إلى إصلاح وعندها تكون الطامة الكبرى.
إننا نعلم أن الفساد قديم منذ نشأة المجتمع الإنساني ولكن الجديد اليوم عندما ندعي النزاهة والطهر ونهتم بتلميع الفساد وصورته دون معالجة الخلل في جذوره العميقة، إن الدولة العميقة التي يحذر منها البعض اليوم ليست في مؤشر أو تقرير بل هي في 165 شكوى ضد قياديين في الدولة لم يحترموا أحكام القضاء ولم ينفذوها كما جاء في تصريح أحد مديري النيابة العامة الأمر الذي يؤكد عدم حمل هؤلاء وأمثالهم للحس الوطني والقيمي الذي يحترم الدستور والقانون والأخلاق ويقف إجلالا للقضاء الكويتي الشامخ الذي يرسي دعائم العدل، ان لهذا الوعي العام قيمته في الدول المتقدمة وهو سر نجاحها ولذلك فإن بقاء أمثال هؤلاء في مناصبهم هو تهديد مباشر لأمن المجتمع ويجب تطبيق القانون في حقهم، اذا اردنا أن نحسن صورة الكويت فلابد من العمل بإخلاص من أجل استمرار المبادئ الأخلاقية السامية كمنهج للعمل في دولتنا وليس لحماية من يخالف القانون.
نحن على أعتاب مرحلة اقتصادية عالمية ومطالبون بردع الفساد ومعالجته وفقا لخطط حقيقية وليس لتجميل الواقع البائس وتكريم الفاسدين، فالكويت تحتاج الى واقع متجدد.