نكتة قديمة تقول ان واحد صعيدي ـ وعلى فكرة انا شخصيا صعيدي ـ دخل السينما مع ابنه واثناء الفيلم كان هناك مشهد لحصان يحاول القفز من فوق حفرة، لكنه يفشل ويقع فيها، فيقول الابن توقعت انه سيجتاز الحفرة بنجاح، فرد عليه الاب اما انا فرأيت الفيلم نفسه قبل ذلك مرتين وشاهدت الحصان وهو يسقط في الحفرة، لكنني توقعت أن ياخد باله هذه المرة وينجح في اجتياز الحفرة!
وقديما، قال بنجامين فرانكلين عن تعريف الجنون، ان الجنون هو اعادة تكرار نفس الشيء وتوقع نتائج مختلفة، وهذا بالضبط ينطبق على محاولاتنا لحل أزمة المرور في القاهرة، نحن نعيد تكرار نفس المحاولات وفي كل مرة نتوقع نتائج مختلفة والتي بالطبع لن تأتي ابد الدهر.
الحقيقة، ان مظاهر الشلل المروري هي مجرد عرض للمرض الحقيقي، وهو الاهتمام بالعاصمة، واهمال الاقاليم، فبدلا من العمل على محاولة تمدن القرى، تركناها فزحفت القرى الى القاهرة في محاولة لانقاذ نفسها من الموت الناتج عن الاهمال.
هذا الزحف القوي والمستمر الى العاصمة قسمان: يومي مؤقت لانجاز بعض المعاملات من المصالح الحكومية، ودائم للسكن في العاصمة المتحضرة، والقسمان يسببان تكدسا مروريا رهيبا، وحل هذا لن يأتي بانفاق مليارات الجنيهات كما فعلنا سابقا لبناء طرق جديدة ثم يتكدس المرور مرة اخرى فننفق مليارات اخرى.. واخرى الى ما لا نهاية، الحل سيأتي بنقل الخدمات الحكومية الى الاقاليم وتشجيع الاستثمار الوطني والاجنبي في القرى والنجوع.. عندها ستنتهي الهجرة من الاقاليم لقاهرة المعز.. ولن نضطر الى ان نقول لسائق التاكسي «على جنب يا اسطى هاخدها مشي احسن من الزحمة».
[email protected]