نعم.. هذه هي مصر التي نستحقها.. وهذا هو المعدن المصري الأصيل، الذي عادة ما يظهر في الوقت المناسب، لا أصدق أن ما يعيشه المصريون في الخارج هذه الأيام هو «سنة أولى ديموقراطية»!، هل هذه أول انتخابات رئاسية تعددية يصوّت فيها المغتربون خارج حدود الوطن؟! بالرغم من ان الحقيقة تقول ان الانتخابات الرئاسية الحالية أول انتخابات تعددية حرة يعيش أجواءها أبناء المحروسة في الخارج، لكن عندما ترى حرصهم على الوقوف بالعشرات والمئات بل بالآلاف منذ ساعات الصباح الأولى غير مبالين بالحرارة المرتفعة او الغبار الكثيف، وينظمون أنفسهم بأنفسهم في طابور يتعدى طوله ـ دون مبالغة ـ أكثر من كيلومتر في احترام لأنفسهم ولوطنهم قبل كل شيء، أقول عندما ترى ذلك تظن ان هذه ليست سنة أولى ديموقراطية بل انها السنة الألف، والسبب في ذلك انهم عرفوا وأيقنوا أن صوتهم، ولأول مرة، أصبح له قيمة الآن، صوتهم سيساهم في بناء مصر الثورة.. مصر الحرية.. مصر الزكية بدماء شهدائها.
لا أستطيع أن أصف سعادتي وأنا واقف صباح امس في طابور التصويت أمام السفارة المصرية، ذهبت في وقت مبكر مع مجموعة من الأصدقاء وكنت أظن أننا سنكون وحدنا أمام صناديق الاقتراع ولن نجد أحدا في هذا الوقت، ولكن فوجئت بالمشهد الذي سيظل يذكره التاريخ طويلا، طابور يتعدى الألف متر والكل يقف في احترام وابتسام وحب وأمل في مستقبل أفضل إن لم يكن لهم فلأبنائهم ولأحفادهم، والأهم انهم يقفون في نظام واضح دون توجيه من أحد، إنها الحرية والشموخ والعزّة التي تجري في دماء المصريين والتي نقول عليها «المعدن المصري الأصيل» خرج الآن من قمقمه ليبين للعالم اننا نستحق الديموقراطية من مئات السنين.
أحدهم سألني وأنا أقف في طابور «الألف متر»: من مرشحك؟ فأجبته: حمدين صباحي، فابتسم وقال: سأرشح أبوالفتوح، ورد ثالث أما أنا فسأرشح مرسي، المبهر في الأمر انه لا أحد يصادر على رأي الآخر بل الابتسام هو السائد بين الجميع، على الرغم من اختلاف التوجهات، وعندما اقترب أحد مندوبي مرشح «الحرية والعدالة» د.محمد مرسي ليجيب عن سؤال لأحد الواقفين في الطابور عن كيفية التصويت بالبريد، وللأمانة أجابه المندوب دون أن يوجهه لمن يصوّت، كانت إحدى موظفات السفارة واقفة في الحال، فأجابت السائل ومنعت مندوب د.مرسي من الاقتراب من الطابور في هدوء واحترام، فامتثل المندوب لها بكل أدب، وما هي إلا دقائق قليلة وانتهى الطابور الطويل، في نظام مشرّف.. نعم هذه هي مصر التي نستحقها.. وهذا هو المعدن المصري الأصيل.
شكر واجب:
الشكر واجب على المجهود الجبار الذي يقوم به جميع القائمين على العملية الانتخابية بالسفارة المصرية وعلى رأسهم السفير عبدالكريم سليمان والمستشار الإعلامي محمد فوزي الذي يحرص على تنظيم وتقديم التغطيات الإعلامية لكل وسائل الإعلام لهذا الحدث التاريخي.
[email protected] - @masri77