«لا نريد للشباب أن يموت.. لا نريد مزيدا من الشهداء»، هكذا صرخت أم أحد الشهداء، الذين سقطوا في ثورة 25 يناير المجيدة التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، في أحد البرامج التلفزيونية مساء امس الأول، وقالت والدموع تتساقط من عينيها وصوتها مخنوق يخرج من فمها بصعوبة بالغة: «أنا خائفة.. أيوه» لم تكمل جملتها من كثرة دموعها واختناقها الشديد، ثم أضافت موجهة كلامها لمقدمة البرنامج: «ممكن ان تجيبي لي عن سؤالي: لماذا خرج عدد كبير من الضباط الذين كانوا متهمين في قضايا قتل المتظاهرين أثناء أحداث 25 يناير براءة؟ صمتت المذيعة ولم تجب واغرورقت عيناها بالدموع، فأكملت أم الشهيد قائلة: هذا سبب خوفي.. نعم هذا هو السبب فمن الممكن بكل بساطة ان يكون الحكم على مبارك هو البراءة!!
أنا خائفة وقلبي محروق.. هل ممكن أن يخرج من القضية دون عقاب؟! وتكون الثورة لا شيء؟! وكأنها لم تكن!! لماذا مات أبناؤنا إذن؟! والله مرعوبة.. ولست خائفة فقط، فمن الممكن ان يضيع شبابنا بسبب مبارك مرة أخرى، فإذا صدر حكم مخفف على مبارك، سيخرجون في مظاهرات لا نعرف إلى أي شيء ستنتهي.. ونحن لا نريد مزيدا من الشهداء.. لا نريد للشباب أن يموت!».
صدقت يا أم الشهيد، القلب محروق، حزين، مخنوق، لا يستطيع أن ينبض.. وكيف له أن ينبض وكل المؤشرات تقول ان النظام السابق بكل مساوئه سيعود من جديد ممثلا في أحمد شفيق على رأس الحكم في مصر؟! إذن فما الغريب في ان يُحكم بالبراءة اليوم على حسني مبارك ونجليه جمال وعلاء والعادلي ومعاونيه وحسين سالم في قضية قتل الثوار والفساد المالي؟! لا غرابة في ذلك، بل والأدهى والأمرّ من كل هذا، بعد ان يصدر حكم بالبراءة عليهم من الممكن ان يقوموا برفع القضايا على المدعين من أسر الشهداء ويقاضوهم أو يطلبوا منهم تعويضات بسبب ما لاقوه من عذاب منذ إحالتهم للتحقيق والاحتجاز والمحاكمة طيلة سنة أو يزيد!!
جففي دموعك يا أم الشهيد.. وخففي آلامك ولا تصدقي اي شخص يقول لك سنأتي لك بحق الشهداء.. سنقتص من القتلة، فلقد ثبت طوال الشهور الماضية ان الكل يبحث عن مكاسبه فقط، يبحث عن كراسي كانت بالنسبة له حلما صعب المنال بل مستحيل المنال في ظل وجود مبارك ونظامه.
ولكن هل يمكن قانونا ان يصدر اليوم حكم ببراءة مبارك ليأخذ صكا من المحكمة بالحرية هو وأعوانه؟!
هناك 4 سيناريوهات للحكم اليوم: أولها براءته، والثاني: إثبات ادعاء النيابة ان الأمن استخدم الذخيرة الحية على المتظاهرين، وبالتالي ثبوت تهمة التحريض والاشتراك في القتل، وفي هذه الحالة سيحكم على مبارك بالسجن 10 سنوات حتى ولو لم يكن يعلم بالأحداث أو لم يعط أمرا بفض المظاهرات، أما السيناريو الثالث: فإذا ثبت الادعاء بان مبارك علم بعمليات قتل المتظاهرين فسيتهم بالتآمر في جرائم القتل ويحكم عليه بـ 25 عاما أو إثبات النيابة ـ وهذا مستحيل تماما ـ انه أمر بوقف المظاهرات بالقوة وقتل المتظاهرين.. في هذه الحالة يواجه الإعدام.
والسيناريو الأخير ان تستخدم المحكمة نظرية المواءمة الوطنية وتؤجل النطق بالحكم إلى ما بعد انتهاء جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة حتى لا يستغل الحكم أحد المرشحين في الدعاية الانتخابية.. فضلا عن انه يزيد من نار الفتنة والفرقة بين الشعب.
نهاية.. تأجيل أم نطق بالحكم؟ براءة أم إدانة؟ لكِ الله يا أم الشهيد.. ولكم الرحمة يا شهداء مصر من رب العالمين.. ضحيتم بأرواحكم وبذلتم دماءكم رخيصة من أجل الحرية والكرامة وجعلتمونا نعيش لحظات تاريخية أهمها رؤية مبارك خلف القضبان في عقاب إلهي
لا يقدر.. ضحيتم من أجلنا.. ولكننا لا نستحق!!
[email protected] - @masri77