ماذا أملك أن أفعل وأنا أرى الدجل يمارس باسم الدين، والظلم يحمل ميزان العدل، والجهل يمنح شهادة جامعية؟ ماذا بوسعي أن أفعل وأنا أرى الأطفال من أمتي يقنصون وهم في أحضان آبائهم حتى غدت لجج البحر خيارا أرحم من قبضة الأمن؟!
ماذا بوسعي أن أفعل مع الفوضى والضجيج والمتناقضات والضباب الذي التهم كل طريق، وهكذا أمضي في حديثي مع ذاتي في حيرة آثر القلم أن يطوي سطورها باقتضاب لعله يفضي بي إلى ما قد يكون استراحة في محطات الاغتراب، إن العالم يبدأ من ذاتك ومن ثم علينا أن ننظر في ذواتنا فحسب وأن نسعى منها وإليها، فنحرص كل الحرص على ألا يصدر منا ذرة أذى لأحد كائنا من كان وأن نبذل غاية وسعنا في إشاعة الخير والسلام، وألا يجد منا الناس إلا هذا بل والكون كله، فلا يخاف منا الورد قطفا عابثا، ولا البلابل سجنا ولو كان بأقفاص من ذهب.
نبدأ بذواتنا وبمن هم أدنى وأقرب فنتعاون معهم على البر والتقوى وأن نبذل غاية جهدنا على أن نكون أجمل وأفضل مع بزوغ شمس كل صباح، كل يتقن عمله على أكمل وجه ممكن بصدق عزيمة ونزاهة نفس.
إن حرية الفكر وسمو النفس جناحا الحياة الحقّة وما عداهما فما هو إلا الأغلال التي حبستنا في ذيل الأمم التي لم نصدر إليها إلا اللاجئين والعباقرة الفارين بعقولهم وأصحاب الرأي الفارين بأعناقهم.
يا صديقي إن بعض الأنبياء لم يؤمن معه أحد وأنت تريد أن تغير الكون وحدك وأن تعالج بأيام ما خلفته قرون متطاولة وحسبك أن الشر سيبقى ما بقي الإنسان على هذا الكوكب فماذا بوسعك أن تفعل سوى ما أنت معني بفعله حقا بل إنك لا تملك سواه وهو أن تصلح ذاتك وتبذر الخير وتشيع الابتسامة والسلام حيثما كنت ، وأن تجهر بالحق بحكمة ورفق وألا تجامل الظلمة والدجالين بابتسامة مصطنعة أو بكلمة رياء فضلا عن أن تكون عونا لهم.
تشبث أنت بالمعرفة والكرامة وإن رأيت غيرك يصفق للباطل فلا تفعل.
[email protected]