بعد ان أصبحت خطط التقشف واضحة للشارع الكويتي عبر سلسلة من القرارات الصعبة وآخرها زيادة البنزين بنسب تصل الى 80%، سيكون امام وزير المالية أنس الصالح مهمة أصعب في التحول من القرارات غير الشعبية لمواجهة القطاع الخاص بسلسلة جديدة من القرارات مثل زيادة ضريبة الأرباح بنسبة 10%.
الضريبة المباشرة ستقلل من دون شك ارباح الشركات ورجال الأعمال في السوق الكويتية، في توقيت يشهد فيه النمو الاقتصادي تباطؤا، أي إن حملة اكثر تنظيما وتأثيرا متوقع شنها ضد الوزير، وهنا سيكون وضعه أصعب.
في الواقع، ان القطاع الخاص أمامه تكاليف جديدة بسبب خطة التقشف للوزير أنس، منها زيادة أسعار الكهرباء والماء التي سترفع بنحو الضعف على المصانع والمتاجر وعلى المستهلكين من المقيمين (بعد ان تم استثناء سكن المواطنين من الزيادة).
وقبل الكهرباء، كان هناك زيادة في الرسوم الحكومية التي دخلت ضمن التكاليف الإجمالية للشركات من دون وجود ايرادات تقابلها من المبيعات، وبالتالي ستجد الشركات نفسها بعد عام أمام تكاليف أكثر وأرباح اقل، وربما خسائر. هذه الخسائر الجديدة ستدخل الاقتصاد في دوامة اغلاق أبواب الشركات، خصوصا الصغيرة والمتوسطة، وربما أزمة ستتحمل تكاليفها الحكومة مقابل العاطلين الجدد عن العمل وغيرها من تبعات افلاس الناس. ان المتابع لما يجري الآن يلاحظ ان هناك سياسات مالية تحتمل ردة الفعل اكثر من كونها عميقة تحاول ان تنقل الاقتصاد لمسار أفضل، ربما هو تحول نحو اقتصاد الجباية من دون تنويع للاقتصاد أو خلق فرص استثمارية نوعية لاقتصاد أقوى في المرحلة المقبلة.
فالأولى حاليا معرفة ما هو الغرض من هذا التقشف المبالغ فيه والسريع، هل هو تخفيض العجز بالميزانية؟
اذا كان الغرض تخفيض العجز، فإن كل هذه الخطوات السريعة لن تخفض العجز المقدر لهذه السنة سوى 10% أي بنحو 900 مليون دينار. فاذا كنا متفائلين جدا في الأرقام، ستأتي الايرادات الجديدة كالتالي: 120 مليون دينار وفر من زيادة البنزين يضاف اليها 600 مليون دينار من فرض ضرائب 10% على الشركات حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، والباقي من رفع اسعار الكهرباء والماء والخدمات العامة وغيرها. وستضطر وزارة المالية إلى تغطية 90% المتبقية من الاحتياطيات العامة او من الاقتراض من الخارج. وعلى الأغلب سيكون الخيار الأخير هو المرجح، لأن وزير المالية تحدث عن خطة لاقتراض 5 مليارات دينار لتغطية العجز، 60% من الأسواق العالمية بفائدة لن تقل عن متوسط 4% لآجال مختلفة (آخر تسعير لسندات في المنطقة طرحت لصالح قطر كانت عند متوسط 3% لآجال مختلفة ويرجح أن تكون أعلى لصالح الكويت)، وهو ما يعني أن المالية العامة ستتكلف خدمة دين إضافية مقابل زيادة الدين الى الناتج من 5% حاليا إلى 12% بعد الاقتراض.
اما اذا كانت خطة التقشف هو الحصول على ايرادات جديدة لأغراض الانفاق الاستثماري لمشاريع رأسمالية، وهي الرسالة التي تحاول ترويجها وزارة المالية في كل مناسبة، فإن الملاحظ أن أغلب هذه المشاريع، إلى الآن، عبارة عن بنية تحتية (جسور، طرقات)، وهي مطلوبة نظرا للنقص فيها في السوق، لكنها لن تحقق تنمية حقيقية لاقتصاد متنوع أو تخلق ايرادات جديدة للقطاع الخاص مقابل ما يتم استقطاعه من ضرائب ارباح وفرض رسوم. اضف الى ذلك، أن المرحلة الجديدة من الضرائب والرسوم العالية لن تكون سهلة اذا لم تستطع تأمين متطلبات أساسية للقطاع الخاص دافع الضريبة والرسوم، فهو صامت حاليا مقابل تكلفة قليلة للأعمال، اما اذا ارتفعت من دون مقابل، فالصمت لن يكون طويلا.
boumeree@