الكلام عن تداولات البورصة هذه الأيام مثل «الضرب في الميت..». نحن نعيش السنة العاشرة لهبوط البورصة. كانت الأزمة في صيف 2008، ومازلنا في أزمة في صيف 2018. قبل أيام أعلنت مورغان ستانلي MSCI عن وضع البورصة الكويتية قيد المراقبة لاحتمال ترقيتها الى مؤشر ستانلي للأسواق الناشئة السنة المقبلة أو بعدها. يعني ذلك ببساطة وضع البورصة الكويتية على خارطة الاستثمارات العالمية، حيث إن المستثمرين العالميين ينظرون الى هذا المؤشر وما يحتويه، لشراء أسهم في الأسواق الناشئة. فهم ليس لديهم وقت لمتابعة بورصات دول عالم ثالث (أو ناشئة وهو المصطلح المخفف)، بينما لديهم فرص لا تعد ولا تحصى بدولهم المتقدمة، فيقدم لهم هذا المؤشر خدمة شراء اسهم في دول ناشئة.
ويعني خبر MSCI ان هناك احتمالات لتدفق أموال أجنبية لشراء أسهم بالبورصة الكويتية. (تقرير لشركة هيرميس قال إن هناك ٢٫٤ مليار دولار مرشحة للدخول..فاستيقظوا!).
هذا الخبر يمر مرور الكرام، تتفاعل البورصة ليوم واحد بارتفاع سيولتها، ثم تعود الى سباتها العميق.
البحث في الأسباب تكشفه MSCI نفسها، فلا شيء في بورصتنا ناشئا حتى نحظى بأن نكون ناشئين. أبرز الأسباب ان مشكلة بورصتنا محلية للعظم، نسبة الملكية المسيطرة في الشركات والبنوك - والكلام لـ MSCI- تقارب 50%، وهناك تركز للمستثمرين الاستراتيجيين في الشركات ما يضعف الحوكمة والشفافية. وفوق ذلك لا توجد معلومات شفافة، فالمعلومات المعلنة غير مكتملة، وتظهر بأوقات غير مناسبة، أي ان هناك تكسبا من معلومات داخلية.
هذا أمر يشبه من يفتح دكانا (بقالة)، هو وأخوه وابن عمه أو أصدقاؤه، ولا يريد للدكان المواجه له أن يعرف ما لديه وكيف يربح أو ماذا يبيع ومن أين تأتي الإيرادات، حتى لا يريده ان يعرف «بكم سعر الخضار اليوم..فيخرج المعلومات عن أرباح الخضار بعد بيعه بأيام».
إذن، هو وضع سيئ لأن «الإناء بما فيه ينضح». وعليه، فلن تقوم البورصة، وسنبقى على هذه الحالة، وسيفوتنا قطار ارتفاع الأسواق العالمية الآن، وسننتبه عند الهبوط لنهوي أكثر.
ثمة من يفعل ما عليه فعله، مثل إدارة البورصة وهيئة الأسواق. وMSCI قالت في بيانها إن ما فعلته البورصة والهيئة رفع نحو 4 معايير في مؤشر مورغان ستانلي. لكن الكرة الآن في ملعب المتحكمين بالشركات: إذا الوضع يعجبكم، فلتستمر حلقة الفراغ الحالية، أما اذا تريدون التغيير والانتعاش فعليكم الدخول بلعبة جديدة.
وكانت البورصة والهيئة قد ألمحتا في وقت سابق إلى انهما تنويان فتح باب إقراض الأسهم، وهو حل ممتاز للملاك من بين حلول كثيرة. ويعني ذلك ان بإمكان المالك الذي يريد تحريك أسهم شركته من دون خسارة ملكيته، ان يقرض الأسهم لآخرين على أن يتداولوا فيها بالبورصة محققين الأرباح (أو الخسائر) من دون تأثر ملكيته.
بهذا الحل المعروف في البورصات العالمية يمكن تحرير الأسهم الممسوكة، ونحاول ان نحرك البورصة ولو قليلا، ويمكن أن نصبح ناشئين بعد سنة.
ثمة حلول أخرى، تماما كما فعلت بعض الشركات التي خرجت من البورصة، فالخروج هو افضل وسيلة لمن يريد ان «يخش» أرباح الخضار!
boumeree@
[email protected]