نقتنص تلك المناسبات والمواقف التي تجمعنا مع أصدقاء الطفولة أو الحارة، الأصدقاء القدامى بشكل عام، كثرة مشاغلنا خلال هذه الأيام صعبت فرصـة هذه اللــقاءات. هذه الصعوبة جعلت الفترات ما بين اللقاء أو الزيارة والأخرى طويلة تمتد لسنوات أحيانا.
نستهل اللقاء بالأسئلة المتداولة والتي جاء بها العرف مثل السؤال عن الحال والأحوال وغيرها من الأسئلة التي نعرف أجوبتها. لكن الغايات منها عديدة ليس للاطمئنان فقط لكن لاختبار كل منا للآخر، في بعض الأحيان الغياب يغير كل شيء، هذه المقدمة تساعد على كشف ذلك ومما يزيد المــهمة صعوبة تغير الوضع الاقتـصادي أو الاجتماعي لصديق الطفولة، ترقية، منصب، وغيرها من الأمــور التي تغير الأوضاع والأحوال.
نبدأ حـديثنا بشيء من الحذر، نعمل ذاك الاختبار البسيط لنتأكد أما زال هو ذلك الشخص أم تغير؟ وإذا تغير ما مقداره؟ أعلم أن قياس ذلك ليس بالأمر البسيط، ندخل في مرحلة سرد الذكريات والماضي الأليم المضحك، لكن ما يفاجئني هو تفاصيل تلك الذكريات أعجب أحيانا من تذكري لتفاصيل التفاصيل وغيابها عنه، تكشفها تلك الابتسامة المجاملة أو ذكره بأنه لا يذكرها وقد بدأ تأثير داء الزهايمر عليه مبكرا.
تتبدل الأدوار بين الجاني والمجني عليه باختلاف المواقف والشخصيات، ما الأسباب؟ لماذا؟ ما الذي يجعله يذكر كل ذلك؟ هل هو معيار ومقياس للحب؟ أم رؤيتي له كمثل أعلى تجعلني أحفظه عن ظهر قلب؟ أم الصدق في العلاقة، وارتباط مبني على الحب فقط لم تدخل فيه شوائب المصالح؟ ما زالت هذه الأجوبة والأسباب مجهولة لدي ومن يملك الجواب فليخبرني، بالرغم من فضولي تجاه المعرفة، لكن الغموض أيضا له طعم ومذاق جميل أيضا.