سمعنا عن حوادث الطيران على مر الأوقات ودائما ما يكون إيجاد ذلك الصندوق البرتقالي من الأولويات. لأنه كاتم أسرار تلك الطائرة العملاقة التي غالبا ما تكون قد تحطمت وتبعثرت اشلاؤها على سطح هذا الكون الواسع. أما سبب تسميته أو وصفه بالأسود فهو ارتباطه بالكوارث والحوادث المأساوية بالرغم من صغر حجمه حيث يبلغ طوله عشرين بوصة وعرضه خمس بوصات وارتفاعه سبع بوصات، تصور حجمه الضئيل مقابل حجم الطائرة.
لكن ماذا لو كان هناك صندوق أسود للبشر؟ أطلقوا العنان لمخيلتكم وتخيلوا.... أسئلة كثيرة تفرض نفسها في هذا الطرح، أين يتم الاحتفاظ به؟ هل المكان محفوظ من الفضوليين بحيث لا يتم الوصول إليه إلا بعد وفاة «العميل»؟ هل يستطيع العميل مسح وتغيير المحتوى، أم هناك ثمن غال بكل تأكيد ليمحي بعض ما فيه، ولو افترضنا ثمن ما، هل يستطيع التضحية ودفعه، أم يدع الظروف تفعل ما تشاء ولن يبالي في وقتها إذا حمل بين الأكتاف ودفن وترك وحيدا.
انهالت على رأسي الأسئلة، لم أعد استطيع ترتيبها وسردها جاءت دفعة واحدة، لم تعطني فرصة. لكن السؤال المحير ما هو موقف أهله وذويه وما مصير صندوق صاحبنا هل سيدفن معه؟ أم يبحثون وينبشون عن الأسرار وتعرض تلك الملفات للبيع لمن يدفع اكثر في مزاد «أسرار للبيع» والتي غالبا ما تكون ملفقة.
أعلم أنه موضوع غريب خارج عن المألوف، يعجبني افتراض وإطلاق نظرية ما ومن ثم أسبح وأجري خلفها، أذهب معها بعيدا دون توقف. الجميل في هذا الصندوق انه يضع الحروف على النقاط «عملية عكسية» ولا يدع للشك والتحليل مكانا، والأجمل أن صناديقنا سوف تدفن معنا ولن يظهر منها إلا بعض التسريبات، جفت الأقلام وأغلقت الصناديق.