في لحظات مناجاة النفس وفي ساعات العودة إلى الروح، أشعر بالإرهاق الممزوج بالأمل، اقلب أصابعي المجروحة، أتحسس جبهتي المنفوخة لأبحث عن تلك الأحلام المعهودة، وأدرك أن الليل يتلوه النهار ليفرّج ضيقة الصابرين، وان الحظ ليس فيه اختيار لكي نُعين ونَستعين.
وقبل أن اهتم بكتابة خاطرتي هذه، قلت في نفسي أشياء عديدة، ودار في وجداني الكثير الكثير، فكرت بعالمنا هذا لأرى أن العالم اصبح معقدا، والبساطة أصعب واجلد، وصار الكل كالدمى، وما عُدت اعرف ألعب.
كبرت وصرت استيقظ باكرا قبلهم، واستطعم الشاي اكثر، كبرت وصرت أبكي بصمت لوحدي واشتاق لنفسي بنفسي، احب الهدوء، حيث اصبح الزحام يخنقني والكلام يرهقني والحياة توبخني والأيام بلا عدل تعاتبني.
وهكذا بمرور السنوات أدركت الفرق الدقيق بين أن أتغير وأن أفهم الحياة بشكل أفضل، أيقنت أن الحب لا يعني الانجذاب دائما وأن الرفقة لا تعني الأمن وأن الكلمات ليست دائما عقودا وأن الهدايا ليست وعودا.
بعد فترة ستتغير فكريا ونفسيا، فستتصرف بعقلانية أكثر ولن تنصدم في شيء لأنك ستتعلم ضرورة تشييد كل السبل لتزرع حديقتك وتزين روحك بدلا من شخص آخر يحضر لك الزهور وستكتشف انك فعلا تتحمل وتدرك ساعتها أن أشعة الشمس لا غنى عنها ولكنها تحرق إذا تعرضت لها كثيرا، فمهما تعبت لن تنطفئ حينها لأن العالم اعتاد على توهجك.
ولا بد أن كل منا ربما يمر عليه وقت يبكي فيه ولكنه يستطيع أن يرسم الابتسامة ثانية وربما يحزن ولكن يستطيع أن يتماثل للشفاء بالفرحة مجددا، لكن الأهم من ذلك هو الأمل الذي يجب أن يحيي قلوب جميع البشر، فلننظر جميعا بعيدا وسنرى أسراب الطيور وقد عادت تغني وسنرى الشمس تلقي بأشعتها فوق أغصان الشجر لتصنع لنا عمرا جديدا، وحلما جديدا، وقلبا جديدا.
قيل:
قل لمن يحمل هما إن همك لن يدوم
فكما تفنى السعادة هكذا تفنى الهموم