Note: English translation is not 100% accurate
استعراض القردة
الأحد
2006/11/26
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : الفيلسوفة الكبرى
الفيلسوفة الكبرى
مع اقتراب نهاية المهلة القانونية المتاحة لتقديم محامي الطاغية صدام وزبانيته طعونهم لاستئناف احكام الاعدام الصادرة بحقهم، تذكرت المسرحية الهزلية السخيفة التي راح صدام واتباع حزبه البائد يستعرضون فيها ويستحقرون هيئة محكمتهم، ويحاولون لعب دور بطولي مزيف يثيرون به شفقة من يشاهدهم، ويتلمسون حفظاً لماء وجوههم، ان يستعيد التاريخ بعض احداثه، لكي يكونوا ضمن المقبورين على اسوار بغدادهم في العام 2003، بدلا من حركات قردة السيرك التي تستجدي الضحك وتنتزع التصفيق، وتطالب بالمزيد من الاستعراض لكي تنهمر الدموع ضحكاً وشفقة على من كان يعتقد انه حامي البوابة الشرقية لوطننا العربي، وقائد القادسية المزعومة التي راح على مدى عقدين من الزمان يطنطن بها، ويحشد آلاف الاقلام العربية المبهورة بقبضته الحديدية، واعلامه المخادع وجيشه المغوار، وانتصاراته الزائفة على جيرانه الفرس والعرب.
كان في خيال المواطن العربي البسيط هو البطل «الوهمي» الاوحد، الذي يستطيع ان يهزم جيوشاً جرارة، وارادة دولية ترفض انتماءه للمنظومة العالمية الجديدة، وكان تحديه للمجتمع الدولي برفض قراراته، وبعد ذلك قبولها ومن جديد رفضها ثم قبولها، هو القشة التي قصمت ظهر نظامه المتهالك.
فهو يتنازل ويقبل، ثم يرفض ويتعنت، ثم يعقد اتفاقيات ثم يمزقها، ويغتر بقوته العسكرية، ورجال حزبه، ويغزو جيرانه، ويتملص من معاهداته، فعاش سيداً لبغداده.. يتنعم برغد الحياة التي اعطته الكثير ليصنع مجداً زائفاً، ويترك لمن سيخلفه ارثاً من جماجم، وهياكل عظمية وثكالى وايتام.
لقد راح ينتقم من اقرب الناس اليه، وعاث في الارض فساداً وكاد يقول: «انا ربكم الاعلى».
غير ان العالم تصدى له، ورياح التغيير اجتثته من جذوره وجعلته هشيماً في شوارع الزمن، وبعد ان وعد المبهورين به، بالوقوف في وجه من يملكون القدرة على اجتثاثه من مخابئه تحت الارض، وبتعليق جثثهم على اسوار بغداد وجد في حفرة وضيعة في مشهد مهين لا يمحى من الذاكرة، وسواء تم تخديره واخراجه من حفرة الذل والهوان، او كان في كامل وعيه وادراكه، فهذه كانت نهايته الحقيقية، فمن طغى وتجبر وتمرد، واذاق شعبه والشعوب المجاورة له ألوان العذاب والارهاب، يستحق ان يداس بالاقدام، وان يلقى في مزبلة التاريخ كأسلافه من الطغاة دون شفقة ولا رحمة.
ان كان ابناء العراق، او من يتولى امرهم، ارتأوا ان تتم محاكمته بصورة عادلة امام الجميع لكي يأخذ كل صاحب حق حقه، فهذا شأنهم الداخلي، وان كان هو ومن تبعه يحاولون تحقير هذه المحاكمة بالاستهزاء، والاستعراض والتمثيل، والحركات البلهاء، والالفاظ النابية، فهذا لا يبرئه من جرائمه الكثيرة.
اما نحن في الكويت، فلقد شفيت جراحنا، وتلاشت احزاننا وجفت دموعنا منذ رأيناه في تلك الحفرة الوضيعة، وسواء عاد كما يحلم بعض الاغبياء في وطننا العربي الى سدة الحكم في بغداده التعيسة، او اعدم وسحل في شوارع عاصمته كسابقيه على ايدي مواطنيه، او نفي الى احد البلدان المحايدة ليقضي بقية ايامه ذليلاً مذموماً محسوراً، لا يمثل لنا كل ذلك شيئا، ولا يعنينا ابدا، بعد ان رأينا وجهه الحقيقي ووجوه ازلام حكمه البائد، ولم يعد يمثل لنا «البعبع» المخيف.
هي سبعة شهور من الاحتلال بدأت في الثاني من اغسطس 1990، كشفت لنا الكثير من وضاعة وخسة انسان يدعي البطولة وحماية الامة العربية، في حين انه هو من جلب العار لابناء جلدته ولندع الشارع العربي المخدوع الذي يحلم ببطل يأتيه من الخيال يتصور ان صدام ومن معه في القفص هم ابطال الامة العربية.
نعم هم ابطال في جر بلادهم وشعوبهم الى الوراء، فلم لا ندع الشارع العربي يكمل حلمه بأن صدام سيحرر القدس ويلقي بالصهاينة في البحر المتوسط رغم ان الفرصة سنحت له بتحقيق ذلك الحلم في العام 1990م حين كان يرأس اكبر قوة عسكرية في العالم العربي، غير انه عقله الاعمى جعله يضل الطريق، فاتجه الى الكويت الصغيرة.. فكانت شوكة في حلقه عجلت بنهايته.
وحتى يتحقق الحلم العربي.. دعونا نستمتع باستعراض القردة.
اقرأ أيضاً