يسعدني كثيرا أنني منضم لمجموعتين متميزتين من مستخدمي «الواتساب»، تضم الأولى نخبة من المثقفين «الليبراليين» تتوزع ثقافاتهم على العديد من العلوم والمعارف الإنسانية والسياسية ويجمعهم اهتمامهم بالخدمة العامة في كل موقع وأي بقعة.
احدهم وهو أستاذ جامعي، يتنقل بين القارات الست ويجوب أطراف بلاد لا أكاد اعرف نطق اسمها ليبلغ رسالته بالتوعية في حقوق الإنسان ومراقبة تنفيذها، يقول ان «أسعد لحظاته هي عندما ينتهي من احد مهامه وهو راض تماما عنها».
الجميع في هذه المجموعة الاستثنائية يعيشون حالة من الاستقرار والسعادة مرتبطة بإنجاز إنساني يحققونه حتى انك ما إن تدخل إلى ديوانهم حتى تتملكك بهجتهم فلا تكاد تغادرهم إلا وأنت عازم على العودة اليهم.
فما هي أسباب هذه الحالة الجميلة التي يعيشونها وكيف وصلوا إليها؟ هذا ما سنتوصل إليه في نهاية استعراضنا للمجموعتين.
المجموعة الثانية، تختلف عن الأولى في توجهها العقائدي فهي مؤلفة ممن نطلق عليهم بالعامية الكويتية «المطاوعة» أي المتدينين ومعظمهم أقرباء، تراهم منفرجي الأسارير دائمي الابتسام، فتجد العم يعلق على طرفة اطلقها ابن أخيه والابن يجاهد ألا يعلق سلبا على طرفة أبيه فلا تكاد تصدق أن ما تسمعه من مزاح صادر عن أفواه مغطاة بلحى مهندمة تكاد تصل إلى منتصف البطون، وان منهم دعاة يشار اليهم بالبنان.
أحد أبنائهم وهو شاب يحضر لنيل الدكتوراه في واشنطن، اختص إدارة المطافئ في بلدته بكل وقت فراغه، فبرع في عمله التطوعي لدرجة لم يصلها احد قبله فكرمته البلدية المحلية ثم كرمه مجلس الشيوخ عندما عرفوا به، وكان الحدث الأبرز على صفحات صحف واشنطن دي سي ونيويورك، والصحف الكويتية «يقول ضاري انه مع إطفائه لآخر شعلة في الحريق تنتابه حالة من السعادة لا تفارقه لأيام عديدة بعدها».
فما هو سر حالة السعادة التي تحيط بالضدين من الليبراليين والسلفيين؟
إنها في القدرة على تطويع الدماغ ليفرز هرمون السعادة السيروتنين serotonin وأشباهه ومشتقاته عندما نستدعيه نحن دون الانتظار لأن تأتي به الظروف وببساطة شديدة فان كل ما علينا فعله هو إخضاع الذهن لرغبتنا بالإيحاء له بأن الجسد الآن في حالة السعادة وعليه أن يسارع إلى إفراز هرموناتها ويهمل ما كنا مشغولين به من ضغوط الحياة، واحد أسهل الطرق هي تكرار الوقوف أمام المرآة مبتسما لبضع دقائق، ستلاحظ بعد مرات قليلة أن حالة من التوهج الذهني والشعور بالاكتفاء تنتابك يليها شعور غامر بالطمأنينة، يليه رغبة حقيقية في الابتسام تلتها رغبة جارفة بالضحك لحظة انطلاق هرمونات السعادة في الدم، وتصبح هذه العملية أسهل وأسرع كلما تهيأ الإنسان لاستقبالها ويحدث هذا بعد أن يؤدي عملا أو ينجز واجبا وهو راض تماما عن أدائه أو إنجازه، حينها يكون في أوج القدرة على دفع الذهن لإنتاج هرمون السعادة في لحظات، ويلاحظ أن بإمكاننا دفع أذهاننا للدخول في حلقة مفرغة نبدأها بالإنجاز فتنتهي بالسعادة وهي بدورها تدفع لإنجاز أفضل وهكذا.
[email protected]