بزغت بين الشيعة العرب ظاهرة جديدة هي موضع ترحاب كبير من شركائهم في الاوطان من الطائفة السنية، وتتمثل في رفضهم لولاية الفقيه الطارئ الجديد الذي أقحمه الامام الخميني على الاحكام الشرعية الشيعية لخدمة هدفه لتصدير الثورة الإيرانية وإخضاع الدول التي تقبل بها إلى ولي الفقيه في ايران وبالتالي ضمان تبعيتها الدائمة لها محكومة برباط شرعي لا يمكن لبشر إبطاله!
يقول سماحة الإمام الإحسائي الشيعي حسين بو خمسين وسماحة محمد علي الحسيني (لبناني) وسماحة الامام محمد مهدي شمس الدين- المفكر اللبناني الكبير- (راجع وصاياه) وهو من المحدثين والداعين إلى نبذ الصراع الطائفي بين فرقتي الإسلام، إن على السنه التفرقة بين ولاء الشيعة لأئمة الحوزات الشرعية في النجف وكربلاء وولائهم للوطن، فالأول تفرضه العقيدة الشيعية، بينما تعادي نفس هذه العقيدة الشيعية تغليبه على الولاء للوطن، ويؤكد ان هذا هو موقف حوزات النجف وكربلاء فهي لم تتدخل في الشأن السياسي مطلقا عبر تاريخها الحديث حتى في العراق وفي احلك الظروف التي مر بها الشيعة ابان حكم صدام حسين.
وهذه الظاهرة الصادرة عن أئمة ثقاة قد ظهر مؤخرا ما يؤكد سعة انتشارها ونعني تحديدا التجديد الرافض لولاية الفقيه الذي يقوده الامام مقتدى الصدر في العراق والذي يجب ان يلقي القدر الذي يستحقه من ترحيب السنة به.
لكن وللأسف وكنتيجة لطول أمد الخلاف وتعقيده وكثرة أصحاب المصالح فيه وتشعبها نجد البعض من المتشددين السنة يحتجون على هذا الطرح الشيعي الجديد متهمين إياه بأنه ممارسة متجددة للتقيه فالمنطق كما يرون يؤكد انه ومادام ان المتبوع امام شرعي صالح للدين فمن الاولى ان يكون صالحا للدنيا، فإذا كان كارها للعقيدة السنية فمن الطبيعي الفرض بأن اتباعه يحملون نفس البغض لها وهذا بالضبط ما يقول به أئمه ايران فالولاء شمولي لا يقتصر على ناحية دون أخرى، فإذا سمى الإمام مذهبا ما بنقيصة أو اتهمه بالكفر وجب على أتباعه اتخاذ نفس موقفه!
يغفل أصحاب هذا الطرح التشكيكي ويتناسون أن الصيغة الشيعية التجديدية موضع النقاش تقول بأن هذا التجديد مفهوم عربي لا مطامع توسعية وراءه، ويؤكد الواقع الكويتي صحة دفاعها، إذ وبينما يذهب شيعة الكويت المنحدرون من أصول إيرانية والمنتمين للحوزات الإيرانية في قم إلى رفضه متفقين مع أئمة إيران وما يصدره إليهم ولي الفقيه «المعصوم» من أوامر، نجد على الطرف الآخر أن الأغلبية الشيعية في الكويت وهي من أصول عربيه تعود للأحساء أو البحرين تتمسك بهذا الطرح العقلاني.
إن تجربة الولاء للوطن المشرفة التي شارك فيها السنة والشيعة بنفس القدر ابان الغزو العراقي الغاشم تستدعي منا تبرئة الكويتيين بكافة أطيافهم العقائدية من الولاء لغير الوطن أيا كانت البواعث والدوافع وأن نميز بين الممارسة للشعائر الدينية أثناء الرخاء وتلك في أيام الشدة.
إن على السنة والدولة عموما التمسك بهذا النهج التقريبي والبدء في التخطيط لمستقبل أكثر إشراقا تختفي فيه الحدة المعطلة والمدمرة من الخلاف العقائدي بين مكوني المجتمع وتخرج إيران من معادلة أي خلاف فكري فيه.
[email protected]