يجنح بي الفكر أحيانا إلى تصور مرعب لمخطط شيطاني يعد بهدوء لخراب بلادي قليلا قليلا ويوما بعد يوم حتى يوصلها للانفجار، أكاد ارى المخطط الماكر الذي يحاك بدهاء كبير وقد بني على إشاعة حالة من عدم الرضا والشك في كل ما في الدولة وتمكين الشعور بعدم الاستقرار، يزرعونه بالتخويف من الجارين في الإقليم والمبالغة في فضائح نهب المال العام التي يفتعلونها في أحيان كثيرة.
تبدأ المؤامرة بإشاعة الفساد وتضخيم وجوده والمبالغة في ادعاء انتشاره بما سيفرض على الأمة يوما بعد الآخر الظن أنه قد غدا القاعدة وأنه استشرى فتغلغل في أوساط القيادة بقدر انتشاره في الدرجات الدنيا وانه ولفرط انتشاره أصبح الفاسد محميا بشبكة قوية من الفاسدين ذات نفوذ واسع وقدرة على حمايته من المجتمع والقانون وهكذا يترسخ في ذهن الأمة ان الفساد لم يعد بالإمكان السيطرة عليه أو علاجه وعليه فالاستسلام له والاشتراك فيه أجدى إذن من مقاومته.
مع تزايد الإحباط وفقدان الثقة بأجهزة الدولة وبإمكانية تحسن الأوضاع يتحول التململ إلى تذمر من تواضع مستوى ما تقدمه الدولة من خدمات فيهوي في ظن الأمة التعليم وتتراجع في الأذهان الخدمات الصحية ويوهم الجميع أن الماء قد تلوث وأن الهواء ليس بنقاء هواء دول الجوار! كل شيء ناقص ومشوه والعيش الرغد صار لا يحتمل في البلاد.
يتحول الانتقاد إلى احتقار لكل ما في الدولة بل لها بذاتها مهما تطورت، وتتأصل كراهية العيش فيها وعندها يشعل المجرمون شرارة ثورة حمقاء ضد الدولة التي جار عليها أبناؤها فتتحول الأرض التي لوثت بالبنزين الى نار السعير تحرق الجميع وتسقط الدولة.
هذا بعض ما يؤرقني كل ليلة ويشغلني طوال الوقت، ويزداد قربا من الواقع كل يوم، وأرجو ألا يدعي بعض هواة السياسة اني أقول ما قلت لأثني الناس عن رفض التقصير ومحاسبة أهل الفساد فسأكون والله أول المطالبين بالإصلاح والفازعين له إلا اني سأتمسك بالعقلانية في مطالبي ولن أسهم في إشعال الفتيل ولن أطالب بأن تكون بلادي يوتوبيا أفلاطون ولن أكون شمشون اليهود، سأصر على المطالبة بالتصدي للفساد بحزم وقوة وسأطالب بإعلان الحقائق وقتل الشائعات والالتزام بالشفافية وألا يفلت من العقاب فاسد أو مقصر مهما علا شأنه وألا يضرب بالضعيف المثل والأهم هو تعقب مصممي مشروع الخيانة والدمار وإنزال العقوبة الرادعة بهم وسأشتد في القصاص لبلدي.
[email protected]