الآن وقد انتهت فترة ولاية السلطتين التنفيذية والرقابية التشريعية وستحل وجوه جديدة فيهما بعد شهرين من الآن، سنحاول الكشف عما أنجزت تجاه أهم التحديات التي واجهتهما في محاولة لرصد وتقييم عمل الجهازين.
لا تزال سلبية السلطتين في مواجهة تحدي الفساد مبعث تساؤل قلق، فإذا سلمنا أن الحكومة اضطرت لحل هيئة مكافحة الفساد وإعادة تشكيلها لدواع إدارية ملزمة وقبلنا أن مدعاة التأخير في صدور لائحتها الداخلية ضرورة لتلافي الأخطاء، فإن هذين لا يبرران للحكومة تقاعسها خلال غياب الهيئة عن اتخاذ أية إجراءات لتعديل أنظمة العمل في مؤسساتها للتقليل من الفساد كأن تتحول إلى النظام الإلكتروني مثلا، ناهيك عن أنها استمرت في تعزيز دوافع الفساد لدى موظفيها بتجاوز الموظف المستحق للترقية بالتعيينات المسماة البراشوتية التي مارسها غالبية كبار مسؤوليها، ثالثة الأثافي أن الحكومة أسهمت في تهيئة الفرص للفساد عبر المناقصات المليارية التي تزيد قيمها عن تلك التي تنفذ بها في أي دولة خليجية مرات عديدة.
جاء تراخي الحكومة في معالجة الحالة المالية للبلاد وترددها وعجزها عن وضع رؤية إستراتيجية لزيادة الدخل القومي وتنويع مصادره ليكون مدعاة لرفض مشروعها المنقوص لتصحيح الحالة المالية والذي ابتدأته بحزمة من البرامج استهدفت إلغاء الدعوم المخصصة للمواطن بينما لم تفرض شيئا على المتنفذين ولا على الشركات ولم تلتفت إلى الهدر الهائل في مرافقها، ففي ميزانية إحدى الوزارات الخدمية رصد مبلغ 140 مليون دينار لبندي الأبحاث والخدمات الخاصة ولم يصدر عن هذه الوزارة أي أبحاث ذات قيمة!
أهملت الحكومة في تبني استراتيجية للتصنيع والبحث العلمي، وضمنت مشروعها بيعا عشوائيا لأهم المؤسسات الناجحة ولتلك المتصلة بالأمن القومي للبلاد بما فيها القطاع النفطي دون دراسات حقيقية وبأزهد الأسعار.
ثالث أهم ما واجهته الدولة من تحديات هو التراجع الحاد في مستوى التعليم الأساسي والجامعي وعدم مواءمة مخرجاته لحاجة البلاد، فقد كشفت مؤشرات قياس مستوى التعليم الدولية عن تراجعه بشقيه بشكل حاد، ففي الوقت الذي تصرف الدولة على التعليم 1.6 مليار دينار سنويا تعادلت الكويت وزيمبابوي على هذه المقاييس!
إن الفساد الإداري هو أحد أهم أسباب هذا الانهيار يضاف إليه تردي الاهتمام بالعمل لدى موظفي الدولة كردة فعل لما سمي بالتعيينات البراشوتية وتفشي الواسطة وسطوة القبيلة والفئة.
حاول وزير التربية تطوير المناهج الدراسية المتخلفة فطلب العون من صندوق النقد الدولي إلا أن محاولته لم تكتمل بينما واجهت وزارة التعليم العالي تحديا من نوع استثنائي جاء في التصدي لعدد كبير من حملة الشهادات المزورة اكتشفوا فجأة بعد الانهيار المفاجئ للمؤسسة المصدرة للشهادات المزورة وكانوا قد وصلوا لمواقع قيادية في الدولة بما في ذلك الجامعة ورغم إحالة بعضهم للنيابة منذ اكثر من سنة إلا أن المحاكم لم تنظر في قضاياهم حتى الآن!.
إن تجاهل السلطتين التشريعية والرقابية لتراخي الحكومة في وضع صيغة إستراتيجية للتعامل مع التحديات الأهم في عمرها، هو موقف سلبي سيبقى محفورا في ذاكرة الأمة ولن تغفره لها ولا للسلطة التنفيذية.
[email protected]