النظم الانتخابية جزء من الممارسة الديموقراطية وتخضع لمجموعة من الضوابط، منها أن تنسجم مع دستور وقوانين البلاد، وأن تكون لها آلية سهلة ودقيقة للوصول لتمثيل حقيقي للأمة، وأن تتمتع بالشفافية في جميع مراحلها وأخيرا أن تكون شمولية لا تستثني فئة أو طائفة أو اقلية ودون تمييز ضد أي منها.
نتفق مع رغبة نخب المجتمع في تطور العملية الديموقراطية في البلاد وأن تكون عملية الانتخاب على مستوى رفيع يكفل للناخب كامل الحرية في اختيار ممثليه، وألا ينتقص من حقه في الاختيار من بين كل المرشحين من غير أن تحول دون ذلك إجراءات غربلة واختيار من التكتلات المجتمعية كالقبيلة او التكتلات شبه الحزبية، فيحرم ممن قد يراه الانسب، ويسمى الاختيار المجتمعي بالانتخابات الفرعية وتجريها القبائل لتخرج بمرشح أو أكثر تجمع القبيلة عليهم وتتعهد بدعمهم فتزداد فرص نجاحهم وتضمن القبيلة تمثيلا برلمانيا لها.
مما اتهمت به الفرعيات انها تؤصل لتفضيل القبيلة على الدولة وأنها ستكون سببا في اختيار الأكثر وجاهة في القبيلة على حساب الأكثر كفاءة وأنها ستكون مدخلا للحكم والمال السياسي لإفراز ممثلين موالين لهما.
سعت القوى الوطنية والنخب الفكرية للتخلص من هذه الانتخابات الفرعية في دفع البرلمان لإصدار قانون يجرمها ويضع عقوبة بحق منظميها والمشاركين فيها، وتنازع المجلس رأيان عند مناقشة القانون أحدهما مؤيد له وهو ما ذكرنا خلاصته أعلاه وآخر معارض له استند إلى أن الفرعيات جزء من حرية الرأي المكفولة بالدستور، وأنها تفعيل لحق العائلة الكبيرة (القبيلة) في الاختيار خاصة أن المشاركة فيها غير ملزمة ونتائجها غير مؤكد أنها ستتكرر في الانتخابات العامة وأنها لم تعد قائمة على الطاعة العمياء لشيخ القبيلة بل هي اختيار حر لأبنائها، إلا أن المجلس انحاز لوجهة النظر المؤيدة للقانون وأصدر القانون رقم 1998/8 الذي جرم الفرعيات وجرم المشاركة فيها.
جزء من التطور الديموقراطي للتكتلات السياسية يعتمد على تحولها لأحزاب والتي ستحتاج لممارسة الانتخابات الأولية لفرز مرشحيها واختيار الأفضل لخوض الانتخابات العامة وعندها ستصطدم بقانون الفرعيات أو على الأقل بروحه فماذا سيكون الحل؟!
استمرار تجريم الفرعيات ومباركة الممارسات الحزبية! هذا تفضيل لفئة على أخرى ومخالفة لنصوص الدستور وللحق والمنطق ولحركة التاريخ!
[email protected]