لا أظن أن أحدا من المراقبين للوضع السياسي في الكويت يعتقد أن الحكومة قد فوجئت بنتائج الانتخابات البرلمانية، فهي من أراد تركيبة متناقضة على الهيئة التي جاءت بها نتائج الانتخابات تلبي ما أرادته، والذي يمكن قراءته ما بين سطور مرسوم الحل وهو معارضة الصوت العالي والطموحات المحدودة! محدودة بمطالب تخدم النواب المطالبين بها شعبويا مثل إلغاء قرارات سحب الجنسية من بعض المواطنين، والذي تعمدت الحكومة ترك الباب «مواربا امام المعترضين» عليه إبان دفاعاتها أمام المحاكم ليكون مجال المناورة «مشرعا أمامها»، إذ يمكنها رفض المطالبة محتجة بالقانون أو القبول بالتعديل الجزئي عليها متذرعة بسابقة حكم المحكمة.
لعل ما فاق توقعات الحكومة وفوجئت به فعليا هو المنافسة على كرسي الرئاسة وباقي كراسي مكتب المجلس، والذي بلغ التصعيد فيه حد انقسام النواب إلى معسكرين كل منهما متمسك بمرشحيه دون الالتفات إلى المبدأ الدستوري الذي جاء من رحمه، مبدأ الديموقراطية! تمسكوا بفرعية ديواني المطير والعتيبي في تناقض صريح مع قانون الانتخاب الذي جاء بهم للبرلمان وتناسوا أن مكاتب المجلس تشغل بالاقتراع تحت قبة البرلمان ويفوز بها من يجمع عليه النواب دون حاجة لهذا الاصطفاف كل إلى جانب فريقه في ممارسة هي اقرب لأي وصف منها للديموقراطية.
ما الذي يتوقعه النواب من ردات فعل شعبية تجاه انقسامهم؟ وكيف يجيبون عن السؤال الأهم وهو إلى أين يقودون المشهد السياسي والمجلس والأمة؟
هل حسب الأعضاء خسائرهم في مقابل الأرباح التي حققوها إن وجدت أي أرباح؟ وهل يستحق الكرسي ثمنا له هذا الانقسام وما يؤدي إليه بالضرورة من خلاف على أولويات ومطالب وأهداف الفريقين؟ وماذا عن السابقة المحرجة في العمل البرلماني التي أرسوها وسجلت باسمهم؟
الرابح الأكبر من خسائر النواب في سباق الرئاسة هو الحكومة، فقد تمكنت من التعرف على فكر وتوجهات وقدرات النواب وتحالفاتهم وخصوماتهم، والأهم أسلوب التقرب إلى كل منهم وكسب تأييده.
لم يفت الوقت بعد على الحكماء في الفريقين للإسراع بإجراء مصالحة نيابية - نيابية تكفل تصحيح المسار والعودة إلى نهج يلبي مصالح الأمة الكبرى وتطلعاتها للقضاء على الفساد ووضع برنامج لمعالجة الاقتصاد واستراتيجية لخلق مصادر بديلة لدخل النفط الخام وإصلاح التعليم وتطوير البلاد.
٭ قبل الختام: ترحب الكويت فرحة بخادم الحرمين، كبير الأسرة الخليجية وقائدها، ضيفا مالكا لقلوب شعبه في الكويت ونزله عيونهم، حبكم يا بوفهد عظيم كقدركم.
[email protected]