في العام 1945 استقلت كوريا الجنوبية عن اليابان، ويبلغ عدد سكانها حاليا 50 مليون نسمة يعيشون على مساحة 100 ألف كلم مربع في النصف الجنوبي من الجزيرة الكورية الممتد ما بين بحر اليابان والبحر الأصفر ويعد اقتصادها من اهم الاقتصادات في العالم وتتميز بتفوقها في الصناعات الإلكترونية وصناعة الهواتف الذكية إذ يعد منتجها ثاني افضل منتج عالمي، وأصبحت صناعة السيارات فيها تنافس المصانع الأوروبية الشهيرة وتنازعها أسواقها التقليدية، ويعادل دخل الفرد السنوي فيها نظيره في اهم دول أوروبا.
دفع شح الموارد الطبيعية في كوريا مفكروها واستراتيجيوها الى الاتجاه للتنمية البشرية عن طريق الاهتمام بالتعليم مستغلين اهتمام الكوريين التقليدي بتعليم ابنائهم، فمن التقاليد الكورية المتوارثة ان تطعم الام الكورية ابناءها حلوى لزجة قبل الامتحان حتى تلتصق المعلومات في أذهانهم فيجيدون الإجابة على اسئلته! التعليم في كوريا الجنوبية مجاني في المراحل التعليمية الاولى اما الجامعي فهو غير مجاني ومكلف جدا ويحرص الاباء على توفير تكاليفه لابنائهم حرصا شديدا، ويبلغ عدد جامعاتها 300 جامعة يحتل الكثير منها مراكز متقدمة في ترتيب افضل الجامعات في العالم.
سنعتمد هنا نمو ميزانية التعليم الكورية كمؤشر على تطوره معتبرين أن الانفاق الهائل على التعليم هو السبب الحقيقي وراء تربع كوريا على كرسي افضل انظمة التعليم في العالم تتنافس مع فنلندا وسنغافورة في البقاء على هذا الكرسي.
في عام 1975 بلغت ميزانية التعليم 300 مليون دولار وهو ما نسبته 14% من ميزانية الدولة آنذاك، قفزت في عام 1985 لتبلغ 5 مليارات دولار أي 27.3% من ميزانية الدولة واستمرت كوريا في زيادة ميزانية التعليم فبلغت عام 2006 قرابة 30 مليار دولار تعادل 20% من ميزانية الدولة، وبلغ الإنفاق على التعليم عام 2012 اكثر من 47 مليار دولار أميركي أي 16.3% من ميزانية الدولة، وهكذا وفي أقل من 30 سنة ضاعفت كوريا ميزانية التعليم أكثر من 155 ضعفا من 300 مليون دولار إلى 47 مليار دولار!
بلغ إجمالي عدد الطلاب في كوريا عام 2015 قرابة 11 مليون طالب، تبلغ تكاليف الطالب السنوية (4 آلاف) دولار، بينما تبلغ تكلفة الطالب في المراحل الدراسية الأولى في الكويت (45 ألف) دولار سنويا! وفقا لإجابة وزير التربية والتعليم العالي على سؤال برلماني بهذا الخصوص في العام 2017! إلا أن هذا الرقم يشتمل على مصاريف الوزارتين الإدارية من رواتب وأجور وأعمال البناء والصيانة للمدارس وغيرها ففي الواقع فإن ميزانية التربية التي تبلغ 1.65 مليار د.ك يذهب منها 1.5 مليار دينار للرواتب، ولذا فان تكلفة الطالب السنوية الحقيقية تماثل أو تقل عن تلك في كوريا الجنوبية اذا علمنا ان عدد الطلاب في الكويت يبلغ نحو 600 ألف طالب، لذا يجب اعادة النظر في تقسيم أبواب الميزانية لتحديد كلفة الطالب الحقيقية وزيادتها.
بقي أن نشير الى أن التعليم الابتدائي يحظى بنصيب الأسد في موازنة التعليم الكورية يليه الاعدادي فالثانوي، أما التعليم الجامعي فهو غير مجاني وتغطي الجامعات نسبة كبيرة من مصروفاتها عبر الرسوم السنوية التي يدفعها الطلاب.
[email protected]