استقلت سنغافورة عن بريطانيا مطلع ستينيات القرن الماضي وتعد حاليا احدى الثلاثة الأولى عالميا في مستوى التعليم وثالث اهم مركز لبيع النفط في العالم بعد نيويورك ولندن وثالث اهم مركز لتكرير النفط بعد هيوستون ونوتردام، كما أنها أحد نمور آسيا الكبار وسوق أوراقها المالية من كبريات أسواق العالم وتشتهر بصناعة السفن والبتروكيماويات.
ليس لسنغافورة اي ثروات طبيعية ومواطنوها يعودون إلى ثلاثة أعراق رئيسية هي المالاوية والصينية والهندية ويتحدثون بلغاتها ويدينون بدياناتها ويستخدمون الانجليزية في التعليم وهي اللغة الثانية للبلاد، ولم تنقسم سنغافورة إلى طوائف ولم تهددها العنصرية او تشغلها عن التنمية البشرية والنماء.
على الجانب الآخر، نجد الكويت التي استقلت معها تقريبا وذات الثروات الطبيعية الوفيرة والأمة الواحدة تاريخا ولغة وعقيدة تعاني من تهديد الانقسام الطائفي ولم تحقق أيا مما حققته سنغافورة فتصنيفها 103 على مقياس التعليم الذي يضم 140 دولة وصناعاتها لا تزيد على بعض الصناعات البترولية غير ذات الاثر في الدخل القومي المعتمد في 90% منه على بيع النفط الخام، وصناديقها الاستثمارية متذبذبة المستوى وعوائدها اقل من نظرائها في الخليج والعالم، وتدني تصنيفها على مقياس الفساد ليبلغ 55% وهو الترتيب الأسوأ خليجيا!
فما أسباب كل هذا التباين بين البلدين وما مبرراته؟
التهديد بالانقسام الطائفي وإهمال التعليم هما من أهم الأسباب يكرسهما الاهتمام الطاغي على الكويتيين بالسياسة حتى صارت الديموقراطية والحريات غاية لا وسيلة لتحقيق النماء والرخاء، ويتداخل معهما الفساد الذي استشرى في طبقات المجتمع الثلاث، ويعزز هذه العوامل الرئيسية أسباب أخرى لا تقل عنها أهمية كالتجنيس السياسي والغزو العراقي في العام 1990.
ان معالجة هذه الحالة المزمنة عملية معقدة وشاقة وتتطلب التزاما جديا من الحكومة والبرلمان والمجتمع بمكافحة الفساد وإصلاح التعليم ومناهجه وتشجيع البحث العلمي لتهدئة التشنج الطائفي وتمكين المواطن من الحصول على وظيفة له في القطاعين العام والخاص، وسيحقق النجاح في البحث العلمي دخلا ثابتا للوطن وثقة للمواطن بمتانة الدولة واقتصادها وينأى بها وبه عن تهديد الفقر.
[email protected]