أصدرت وزارة الداخلية قرارا تنظيميا للمرور اتسم بالحزم والتشدد في العقوبة على مخالفي بنود القرار والتي تصدرتها عقوبة من لا يلتزم بارتداء حزام الأمان او يستخدم الهاتف اثناء القيادة بسحب المركبة منه لشهرين وإلزامه بغرامة مالية عالية القيمة وتضمن القرار كذلك رفع قيم الغرامات على مخالفي قوانين المرور بشكل عام.
الداخلية لم توفق بإقرارها عقوبة سحب المركبة على من لا يستخدم حزام الأمان فهذه مسألة ثقافة مجتمع مما يجعل تنفيذها على استعجال متعذرا وكان الأفضل رفع قيمة الغرامة على المخالفين دون اللجوء لسحب المركبة الفوري الذي سيصعب تنفيذه على السيدات والأسر وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة اذ لا يعقل تركهم في الشارع لحين توافر وسيلة نقل بديلة لهم وسيتسبب هذا بالإضافة للإشكالية الإنسانية والاجتماعية بتعطيل لحركة المرور وفسح المجال للاعتراض على القانون ووأده في مهده كما هو حادث الآن خاصة ان لبس حزام الأمان هو حماية لقائد المركبة ولا يحمل تركه ضررا على مستخدمي الطريق الآخرين. على الجانب الآخر فإن سحب مركبة مستخدم الهاتف اثناء القيادة عقوبة مقبولة لكونه يمثل استهتارا ليس بحياة المخالف فقط وانما بأرواح مستخدمي الطريق الملتزمين بآدابه وقوانينه وهو سلوك لا يختلف كثيرا عن اطلاق النار العشوائي على مستخدمي الطرق او التهديد به.
تبنت وسائل التواصل الاجتماعي حملة يقودها المتذمرون الدائمون من القوانين وطلاب الشهرة للإطاحة بالقرار محتجين بالذرائع التي اوردنا بعضها عاليه وانبرى الكتاب واصحاب الفكر للرد عليهم والدعوة للتمسك بالقرار حفاظا على هيبة القانون والدولة وللقناعة بضرورة إحداث صدمة مفاجئة لمخالفي المرور تذكرهم بسطوة الدولة وقدرتها على الردع، الا ان الداخلية سارعت بالالتفاف على قراراتها وخرجت باستثناءت هي في مضمونها إلغاء لها وفوضت شرطة المرور باتخاذ قرار العفو فيها فاتحة باب المحاباة والواسطة وبهذا أطلقت الداخلية النار على قدميها بيديها ووقفت عاجزة عن التنفيذ استجابة لتهديدات بعض النواب المؤزمين الذين لم يجدوا وسيلة افضل لمعالجة حالة البلاد المتعثرة وتفشي الفساد وتراجع التعليم والصحة والاقتصاد من الوقوف ضد قرار تنظيمي للمرور!
[email protected]