يروي السيد فيصل العيار احد أقطاب رجال الأعمال في كتابه الجريء والشامل «مال ورمال» احداث شراء الكويت لشركة التنقيب عن النفط الأميركية «سانتافيه» في الثمانينيات وكيف تحول هذا الاستثمار الذي اعتبر في حينه احد اكبر وأهم الاستثمارات من نوعه الى كرة من النار من وجهة نظر مؤسسة النفط الكويتية حديثة الإنشاء آنذاك.
بعدما تبين ان لسانتافيه الحق في التنقيب عن النفط في الأراضي الأميركية ثار اللوبي اليهودي الذي كان يحمل ضغينة على الكويت اثر قطعها امدادات النفط ابان حرب أكتوبر 73 عن دول الغرب المؤيدة لإسرائيل مما اثر على قدراتها القتالية.
محليا، دار لغط كبير حول سعر شراء اسهم سانتافيه بأكثر من السعر السوقي وطبيعة عمل الشركة النفطية فقد كان الرأي الغالب يقضي بالابتعاد عن الاستثمارات النفطية لما تحمله من تقلبات ومخاطر!
يذكر السيد العيار ان الصفقة تمت بمبلغ 2.5 مليار دولار وكانت الأكبر من نوعها عالميا والأجرأ ووضع شراء سانتافيه الكويت على خارطة المستثمرين الدوليين الكبار وخلق لها هالة إعلامية هائلة ووجودا مهما في الأسواق العالمية لم يكن ليتحقق دون هذه الصفقة التي ربما ظلمت محليا لقلة الخبرة بصفقات بهذا الحجم والأهمية.
لم تستطع مؤسسة البترول تحمل بقاء سانتافيه التي وصفتها بكرة النار نتيجة الانتقاد البرلماني والشعبي الحاد لها والذي يعود في جزء منه الى استعجال نتائج الصفقة الإيجابية وعدم الالتفات للإيجابيات السياسية لها، كما ساهم الإعلام الأميركي المستفز من اللوبي اليهودي بإثارة تخوف جاد من تمكن سانتافيه من تحقيق أغراضها بالتنقيب عن النفط في الولايات المتحدة بعد انتقال ملكيتها للكويت، وزاد من تأزيم الموقف هبوط أسعار النفط في العام 1986 وما أدى اليه من خسائر في استثمارات الشركة بلغت 2 مليار دولار ولهذه الدوافع اتخذت المؤسسة قرارها ببيع سانتافيه، وبدء تنفيذ قرار البيع في العام 1996 على مراحل وبقيمة للسهم اقل من قيمة شرائه وبيع 69 % من الشركة.
في 2001 اندمجت سانتافيه مع شركة غلوبال مارين لينشأ عن اندماجهما ثاني اكبر شركة للتنقيب البحري عن النفط في أميركا وبالرغم من ذلك استمرت الكويت في بيع باقي حصتها التي بلغت %8عام 2005!
في العام 2008 اشترت شركة ترانز اوشن اكبر شركات الحفر البحري الأميركية شركة غلوبال سانتافيه بـ 17 مليار دولار! ولم يكن قد تبقى للكويت أي انصبة في سانتافيه فقد بيعت بالكامل.
[email protected]