إننا عندما ننتقد وضعا أو حالة ما يمر بها الوطن ونوغل في نقدها فإننا ننطلق من حب راسخ لهذه الأرض تزيده أيام العمر عمقا وتجذيرا في القلب والفؤاد ومن قناعة في بيت الحكم وتمسكا به مصادقين على الميثاق المتفق عليه في مؤتمر جدة 10/1990 وعلى الدستور الذي صاغه الآباء، ومنطلقين من اتفاق الأجداد وأسرة الحكم على إدارة البلاد منذ أكثر من 350 عاما.
إن المعارضة الرشيدة جزء من مكونات الديموقراطية تعمل على توجيه دفة الحكم وتقويمه وتسعى لترسيخ المساواة والعدل والتوسع في الحريات، وقد تنحرف المعارضة عن مسارها او تعجز عن أداء دورها فيخبو صيتها ولا يعود لها اثر يذكر في نماء المجتمع والحفاظ على حقوق أفراده، ورغم ذلك فإن الدول لا تتوقف عن التطور وتحسين عيش الأفراد وزيادة رفاه المجتمعات، بل قد تبلغ مرتبة الريادة في إقليمها والعالم، وهذا ما أثبتته سنغافورة الصغيرة ومحدودة الثروات الطبيعية والتي أصبحت رابع نمور آسيا وثالث مركز لتسويق النفط بعد لندن ونيويورك وثالث مركز لتكريره بعد تكساس وأمستردام ولم يكن في برلمانها عضو واحد يمثل المعارضة منذ استقلالها في مطلع الستينيات حتى ما بعد العام 1985!
على الجانب الآخر، فإن المعارضة قد تكون عاملا معطلا لنمو البلاد، كما حدث في فنزويلا رابع أكبر مصدر للنفط وثالث أكبر منتج له والتي تسببت المعارضة الحزبية فيها بتحميلها مئات المليارات من الدولارات ديونا على الدولة النفطية الثرية!
في الكويت جارت المعارضة حديثة النشأة ومتعددة التوجهات والأيديولوجيات على دستور البلاد وعلى ثوابت العلاقة بين المجتمع وأسرة الحكم بأسلوب ووسائل استهجنتها ورفضتها غالبية الأمة خاصة عقلاء الطبقة الوسطى الأعرض في المجتمع والحكماء وقادة الفكر فأفل نجمها بأسرع مما بزغ ولم يبق لها حاليا إلا أصوات قليلة العدد وضعيفة الأثر.
إن من أهم عوامل وشروط استمرار المعارضة وديمومتها ولتكون بناءة تخدم أغراض وجودها ان تعمل في مجتمع مستنير واع بأهدافها وغاياتها وأسلوب عملها، وضمن نظام تتسيده الديموقراطية إن أمكن، فهي إن تواجدت في نظام ديكتاتوري استطاع النظام تطويعها لخدمته كما حصل في ألمانيا النازية وجنوب أفريقيا العنصرية ويحصل حاليا في كوبا وكوريا الشمالية والعديد من الدول العربية، كذلك ان قادها وأدارها قليلو الخبرة والمعرفة بالعمل السياسي فإنها ستسقط وتنزوي لا محالة.
dralialhuwail@ yahoo.com