شغل انسحاب أميركا من الاتفاق النووي مع إيران العالم باحتمالات تعرض إيران لاجتياح عسكري أميركي غربي كالذي تعرض له العراق أو بتلقيها ضربات عسكرية محدودة تهدف لتدمير مراكز تخصيب اليورانيوم ومعالجة البلوتينيوم والماء الثقيل وأجهزة الطرد المركزي وسلاح الصواريخ، فجاء تصريح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الناري الذي عاب فيه على الاتفاقية انها قد أعطت إيران الحق في تصنيع السلاح النووي بعد العام 2025 وبأنها لم تضبط سياساتها التوسعية، مؤكدا أن بلاده ستطبق اشد عقوبات اقتصادية عرفها التاريخ على إيران التي طالبها بالانسحاب من سورية ووقف دعمها للميليشيات في العراق ولبنان واليمن، جاء تصريح بومبيو ليستبعد الأعمال العسكرية مؤقتا، وليوضح أن أميركا والغرب سيكتفون مرحليا بالعقوبات الاقتصادية المشددة بغية التسبب في انهيار الاقتصاد الإيراني الهش الذي يعاني من تراجع كبير غير مسبوق للريال -التومان- فالمليون منه تعادل 150 دولارا وارتفاع معدل البطالة إلى 60% والتضخم إلى 17% وبزيادة سنوية 9.4% ، وازداد عدد الإيرانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى نصف عدد السكان أي حوالي 40 مليون نسمة وفقا لتصريح مؤسسة الخميني للإغاثة وتصنيف البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وتراجع ترتيب إيران على مؤشر مدركات الفساد العالمي إلى المرتبة الـ13 بين 176 دولة، ولم يعد التفاوت في الثراء بين الطبقة الحاكمة وباقي أفراد الشعب أمرا يمكن إخفاؤه فقد ذكرت بعض التقارير الغربية الموثقة ان ثروات أقطاب النظام تقدر بمليارات الدولارات فثروة احد رؤساء مجلس مصلحة النظام السابقين والملقب بملك الفستق وماء الزهر تضعه في مصاف أغنى أغنياء العالم، واتضح حجم تبديد الثروات القومية على المطامع التوسعية إذ تبلغ ميزانية الحرس الثوري 7 مليارات دولار وميزانية تسليح الميليشيات في لبنان وسورية والعراق واليمن وغيرها من دول العالم 20 مليار دولار بينما ارتفعت ميزانية تسلح الدولة إلى 12 مليار دولار -وفقا لتقرير دايفد جولدمان المنشور في آسيا تايمز- على الجانب الآخر من المعادلة المقلوبة للاقتصاد الإيراني يبلغ متوسط دخل الفرد وبترتيب 96 من بين 173 دولة 4520 دولارا وفقا لصحيفة آفتاب الإيرانية.
دفعت مظاهر الجور على مقدرات البلاد ومصالح الشعوب الإيرانية بها إلى الاحتجاج والخروج إلى الشارع في موجات غضب شعبية وتظاهرات انطلقت في العديد من المدن الكبرى مطالبة بسقوط النظام وبالخروج من سورية. لقد صار جليا أن أي تغيير سلبي في الاقتصاد الإيراني سيستنهض ثورة شعبية كفيلة بإسقاط النظام وولادة نظام جديد وإيران جديدة متصالحة مع جيرانها والعالم.
[email protected]