طرأت بعض الظواهر الجديدة على المجتمع الكويتي وتفشت بسرعة فيه أبرزها الفئوية والتعصب العرقي، وهاتان صفتان للعنصرية البغيضة ستلدان صراعات طائفية مدمرة إذا لم تتصدى لهما الدولة والمجتمع.
لقد اصبح مشهدا متكررا أن يحمل البعض علما يمثل قبيلته في تجمعات استعراضية لأبناء القبيلة يتغنون خلالها بأهازيج تشيد بانتصارات القبيلة التاريخية على أندادها من القبائل الأخرى وتثني على شدتهم في القتال!
ولهذا النهج تأثير خطير على اللحمة الوطنية إذ يكرس تفضيل القبيلة على الوطن وإلى تحول كل الأمة من ولاء لوطن موحد جامع يحتوي كل أطيافها إلى ولاءات قبلية متعددة ومتنافسة ترى في نفسها تفوقا وخصوصية تمنحها حقوقا وامتيازات ليست للآخرين وعلى حسابهم، هي انتكاسة لكل ما حققته الأمة ولكل طموحاتها وعودة لعهد ما قبل الدولة كانت فيه القبيلة مرتبطة بمواقع الكلأ لا بوطن محدد الجغرافيا وموحد التاريخ ويتطلع لمستقبل مشرق يشمل كل أبنائه.
حتما ستنشأ الخلافات بين القبائل بعضها البعض على مصالح القبيلة التي تمثل الصراع القديم على مواطن الزرع، وسريعا ما ستتطور هذه الخلافات إلى حروب شرسة كما هو ثابت عبر التاريخ تنهي وجود الدولة.
في الستينيات قاوم المثقفون والوطنيون المخلصون في الكويت سياسة إسكان الحكومة التي أدت إلى تقسيم المجتمع فئويا بين الداخل الحضري والمناطق النائية ذات الكثافة السكانية العالية من أبناء القبائل، ورفضوا التجنيس السياسي لخطورته على المجتمع المتجانس عبر مئات السنين فضلا عما سينتج عنه من تدخل في الانتخابات النيابية وقد ثبت هذا في انتخابات مجلس الأمة ولايزال مؤثرا فيها إلى اليوم وإن كان أقل حدة.
يقول عالم الاجتماع الأميركي المعاصر جوناثان هيدت إن غريزة أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب لاتزال هي المحرك الرئيس في تشقق المجتمعات المدنية الأقل تمدنا وأكثر حداثة فهي اهم دوافع الفئوية والعنصرية والتعصب العرقي والسبب في دخول هذه المجتمعات الناشئة في حروب طائفية أو نزاعات عنصرية وفئوية.
٭ ساهم تكوين المعارضة السياسية التي برزت في 2010 أو استمرت إلى حين تفككها في 2013 - 2014 بصبغها بروح القبيلة في أدائها وطموحاتها فقد كانت شديدة الحدة في طرحها، وطغى على مطالبها التصعيد العجول والتجاوز على الدستور والثوابت الكويتية في العلاقة بنظام الحكم واتخذت موقفا قلقا من قيود المجتمع المدني وضوابطه ومن قوانين الدولة واشتراطاتها فيما بدا أنه انعكاس لتأثير الصحراء عليها.
[email protected]