علي الدقباسي
كنت أنتقد الاسلوب العربي في اصدار البيانات المشابهة للمفرقعات الرنانة بلا فائدة، وللأسف اليوم أصبحت ممن يشاركون في صناعتها. هذه الحقيقة بحكم انني عضو في البرلمان العربي، ولا يملك من يدخل نادي العمل العربي المشترك الا ان يشارك في هذه الحفلة التنكرية التي يهدر فيها الوقت والمال والجهد دون أي فائدة وأحيانا ينتهي بكارثة.
أحيانا يكون العمل الفردي - وهو سيئ بلا شك أفضل من العمل المشترك، والسبب انه أقل سوءا من العمل المشترك. تصور! ولهذا الوضع المقلوب اسبابه أهمها ان معظم قواعد العمل العربي الجماعي غير منطقية، والسبب الآخر اننا لا نلتزم بما نتفق عليه، مثل اتفاقية الدفاع العربي المشترك واستمرار قتل وتشريد وانتهاك آلاف العرب في ظل موقف متفرج من أقطار عربية أخرى! والسبب الثالث استمرار الخلافات العربية كمعوق أساسي أمام اجندة عمل مشترك عملية واضحة ملزمة.
استطيع ان أجلد الذات كما يفعل آخرون بسبب حالة التردي العربي ولكن هذا انهزام قد يقبل من رجل الشارع، ولن يقبل ممن يوضع في موقع المسؤولية، وهذه مشكلة أخرى للعاملين في الشأن العام العربي فما يطلب منهم فوق امكانياتهم، وكيف ينشرون التعليم على سبيل المثال في مجتمعات ليست فيها مدارس، وأين يقيمون دورة رياضية بين أمة لا تتكلم فيها شعوب مع بعضهم البعض، ولماذا يصافحون بعضهم البعض، وبعضهم يصافح عدوهم على جماجمهم! وترى متى ينتهي هذا العذاب الطويل منذ مئات السنين!
أسئلة واستفسارات أكثر من ذلك تدور في أنفس العرب جميعا وليس في خاطري فحسب، والاجابات مبهمة حتى عند المثقفين العرب أنفسهم وهذا يزيد الطين بلة، فإن نخبة العرب تائهة فكيف بالعامة من الناس.
نعود لمشقة المشاركة في اصدار بيان عربي مشترك ففيه يجد المشارك عند التدخل وهدر الوقت والجهد والمعالجة للمصطلحات اللغوية، وهو - المشارك - يعرف مسبقا ان بيانه حبر على ورق، وان كرّم سيوضع في درج مهمل ان لم يذهب للزبالة! ولا يملك ان يقــــول هذا البائس الا كما يقولون: «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة».
الذين يقرأون البيانات العربية عذابهم واحد، واما الذين يشاركون في صناعتها فيعذبون مرتين، مرة عند الصياغة ومرة أخرى عند القراءة! ومن يرغب بالزيادة فهي بالمجان!